حزمة من القرارات اتخذها وزير العمل نضال البطاينة أول من أمس تهدف في مجملها لأردنة سوق العمل بشكل متدرج، شملت قطاع عمال النظافة وقطاعات أعمال الصيانة المنزلية والأدوات الكهربائية واعمال التحميل والتنزيل في أسواق الخضار المركزية وتجار الجملة والتجزئة.
أردنة سوق العمل شعار أزلي لطالما رفعته حكومات متعاقبة، دون أن تحقق أي نتائج تذكر، لا بل ان المؤشرات تفيد بزيادة ملحوظة بنسبة العمال الوافدين في عديد القطاعات.
لكن يجدر الإشارة هنا إلى أن خطة البطاينة للأردنة تتسم بقدر معقول من الواقعية مقارنة مع مثيلاتها في السابق.
بيد أن التحديات التي وقفت في وجه “الأردنة” ما تزال عصية على التفكيك رغم النوايا الحسنة التي يضمرها المسؤولون والوزراء، وتحتاج لخطوات تمهيدية لا بد منها قبل إصدار التعليمات.
قبل أيام قليلة فقط اشتكى البطاينة بمرارة من ترك آلاف العمال لوظائفهم ممن تم تشغيلهم ضمن خطة الحكومة لخلق 30 ألف فرصة عمل في السنة. وحين اتخذت وزارته إجراءات صارمة لتقنين سوق عمال الزراعة وضبط تصاريح العمل، تظاهر المزارعون احتجاجا على نقص العمالة في مزارعهم.
يمكن للحكومة أن تنجح في أردنة قطاع عمال النظافة، ولنا في أمانة عمان الكبرى خير مثال، فقد أصبح هذا القطاع بسواده المعظم من الأردنيين بعدما وفرت الأمانة الضمانات الاجتماعية والتأمين الصحي ومنحت الأردنيين رواتب جيدة فأقبلوا على هذه الوظيفة دون تمنع أو تردد متجاوزين ثقافة العيب.
بينما لم تتمكن كل الجهود المبذولة من تغيير الوضع القائم في قطاع الإنشاءات، وتحديدا بمهنة عمال الباطون والبناء. ويبقى التحدي ماثلا في قطاع الصيانة والأعمال الكهربائية والسباكة. صحيح أن نسبة جيدة من الأردنيين يعملون في هذه القطاعات، لكن الغلبة ما تزال للوافدين.
الاشتراطات التي وضعتها وزارة العمل مؤخرا لرفع نسبة المشتغلين الأردنيين في هذه القطاعات، قد تتحول إلى قيد على أصحاب العمل، في ضوء الاقبال المتواضع من الأردنيين على هذه المهن. وأعتقد أن قطاع التحميل والتنزيل على سبيل المثال سيشهد أزمة كبيرة إذا ما أصرت وزارة العمل على قرارها بتشغيل أردنيين مقابل كل عامل وافد واحد.
لا نجادل في صحة التوجه الحكومي، لكن ولتجنب الفشل كان ينبغي التريث في إصدار القرارات الصارمة لحين إحداث تقدم جدي في مجال تدريب وتأهيل الشباب الأردنيين للعمل في هذه القطاعات، والاعتماد على برنامج خدمة وطن الذي خضع للتطوير مؤخرا، لتخريج شباب مؤهلين للعمل في القطاعات المهنية وربطهم بسوق العمل فورا، حتى لا تعاني القطاعات المعنية من نقص في العمالة وتضطر للتوقف عن ممارسة نشاطها الاقتصادي تحت طائلة العقوبات ومخالفات تعليمات الوزارة، وتضطر الوزارة بدورها للتراجع عن قراراتها، ما يعد نكسة لسياسة التشغيل برمتها.
بمعنى آخر، كان من الضروري أولا تهيئة سوق العمل قبل إلزام أصحاب العمل بتعليمات مقيدة لا تتوفر أسباب النجاح لتطبيقها.