أنجزت الحكومة الأسبوع الماضي اتفاقا مهما مع القطاع الطبي الخاص ألزمت بموجبه المستشفيات الخاصة بتوفير أزيد من ألف سرير ونحو 200 غرفة عناية حثيثة لمرضى فيروس كورونا وبأسعار تتوافق وإمكانيات التأمين الصحي الحكومي.
لم يكن الوصول للاتفاق بالأمر الهين فقد تطلب من الحكومة إظهار الإرادة الحازمة خلال المناقشات.
الموجة الغزيرة من الاصابات داهمت حكومة الخصاونة في بداية عهدها، وأمام وضع فوضوي موروث في القطاع الصحي، كان لا بد من عمل مضن وطويل لمواجهة مخاطر انهيار القطاع الصحي وتوفير الحماية للمواطنين، بالاستناد إلى جهد منظم ومدروس يقوم على أسس علمية لتلافي النقص الكبير في الأسرة وغرف العناية الحثيثة، بعد أشهر طويلة ضائعة لم ننجز خلالها أي شيء لمواجهة الموجة الثانية والأشد من انتشار الفيروس. مع نهاية هذا الشهر سيتوفر حوالي 5300 غرفة لمرضى كورونا في مستشفيات القطاع العام والمرافق الصحية المستأجرة والمستشفيات الميدانية التي أقيمت مؤخرا، كما سيكون لدينا أكثر من ألف غرفة للعناية الحثيثة، التي تواجه في الوقت الحالي ضغطا متزايدا بنسبة إشغال تقترب من سبعين بالمائة. وستوفر الخطة الحكومية كذلك ما يزيد على ألف جهاز تنفس صناعي. هذه الإضافات المهمة على قدرات الجهاز الصحي تأتي كمحاولة لمواكبة الزيادة المحتملة في الاصابات، لكن عند حد معين من الانتشار المجتمعي دون التزام بإجراءات السلامة وقواعد الصحة العامة سنجد أنفسنا عاجزين عن احتواء الوباء، مما يدفع بالمسؤولين إلى اللجوء لخيار الإغلاقات الذكية لفترات زمنية. الزيادة الكبيرة في الاصابات والوفيات، هزت ثقة الأردنيين بقدرة الجهاز الصحي على مواجهة الأزمة، وقد أظهر استطلاع للرأي أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية حديثا أن 33 % فقط يثقون بقدرة الحكومة على إدارة أزمة كورونا.لكن مع التحسينات الكبيرة التي أجرتها الحكومة مؤخرا يمكن لهذه النسبة أن تتحسن تدريجيا. الاستطلاع أظهر تحولا إيجابيا في وعي المواطنين يمكن البناء عليه، إذ أفاد 85 % من المشاركين في الاستطلاع أن الفيروس خطير، وأن نسبة أعلى من ذلك يصنفون أنفسهم أنهم ملتزمون بإجراءات السلامة العامة”لبس الكمامة والتباعد الجسدي”. هذا تطور إيجابي في الوعي العام مرده الخوف من ارتفاع معدلات الوفاة والاصابة في الأسابيع الأخيرة حيث أفاد 76 % أنهم يخشون وصول المرض لعائلاتهم وأكثر ما يقلقهم فقدان أقارب وأحباء. المفارقة التي تستحق الدراسة في النتائج أنه وبينما يعتقد %92 أنهم ملتزمون بالإجراءات الصحية، فإن 81 % منهم يعتقدون أن غيرهم من المواطنين غير ملتزمين!
أغلبية المواطنين حسب نتائج الاستطلاع الذي شمل عينة من 1800 فرد غير مقتنعين بالحظر الجزئي وغير راضين عن التعليم عن بعد، لكن نصف أفراد العينة لا يمانعون حظرا شاملا لأسبوع أو أسبوعين، هذا على الرغم من أن 85 % يعارضون الحظر بعد الانتخابات. الرأي العام الأردني مضطرب إلى هذا الحد ويعاني من شعور عميق بعدم اليقين، كنتيجة موضوعية لأزمة غير مسبوقة.