بتسارع ملحوظ تسجل أعداد الاصابات بفيروس كورونا زيادة كبيرة في الأردن، تعيدنا إلى المربع الذي كنا فيه قبل أزيد من ثلاثة أشهر.
السلالة البريطانية المتحورة من الفيروس، تسللت إلى المملكة وتحديدا الجزء الغربي من العاصمة عمان، بأعداد متواضعة جدا في البداية لكنها انتشرت بسرعة، دون أن نتمكن من السيطرة عليها، رغم معرفتنا باختلافها عن سابقاتها من حيث سرعة الانتشار، وإصابة فئات عمرية أصغر.
كان يمكن تجنب الموجة الجديدة بإجراءات صارمة في مناطق عمان الغربية، لكن أحدا لم يجرؤ على خيار الإغلاقات “الذكية” التي نفذت من قبل في بعض أحياء عمان ومحافظات أخرى. أقل من ثلاثة آلاف إصابة بقليل سجلت قبل أيام قليلة في عمان، وحسب تقديرات أصحاب الاختصاص، فإن الموجة الحالية من الوباء ستبقى في تصاعد حتى بدايات شهر نيسان (إبريل) المقبل. إن ما دفع بالمسؤولين عن إدارة الأزمة في القطاع الصحي للتردد في اتخاذ تدابير مشددة في وقت مبكر، القلق من التبعات الاقتصادية على المواطنين، من جهة، والرهان على حملة التطعيم المكثف ضد الفيروس.
ما حدث بالفعل أن الحملة تعرضت لانتكاسة كبرى، إذ لم تف الشركات بوعدها في توريد الشحنات المطلوبة من جرعات اللقاحات.”فايزر” أعادت جدولة شحناتها لمعظم دول العالم، والمطعوم الإماراتي الصيني لم يتدفق بالسلالة المتوقعة. كانت استراتيجية الحكومة تقوم على تطعيم نحو 23 في المائة من المواطنين في غضون أشهر، لتحقيق قدر عال من المناعة المجتمعية، وتبين لاحقا أن هذه التقديرات في الخطة بنيت على تقديرات غير واقعية، بل مجرد وعود من مديري التسويق في شركات الأدوية. والمؤسف انه واستنادا إلى هذه الوعود، شرعنا في تخفيف القيود المفروضة على بعض القطاعات، وفتح المدارس بشكل متدرج، دون أن تكون لدينا خطة تحدد بوضوح ودقة الأولويات في برنامج التطعيم، بل دون أدنى قدرة على توفير اللقاحات، لاعتبارات خارجة عن إرادتنا. الصين على سبيل المثال وهي الرائدة في تصنيع اللقاحات، بدأت قبل يومين فقط تخطط لفتح المدارس، في وقت سجلت فيه الاصابات انخفاضا كبيرا. بريطانيا أعطت الأولوية لفتح المدارس والجامعات في خطتها للتعافي، لكنها اتخذت هذه الخطوة بعد حملة تطعيم واسعة النطاق.
اليوم نحن نعرف ما الذي ينبغي فعله للحد من الارتفاع الكبير في الاصابات؛ تمديد ساعات الحظر الليلي، وفرض حظر شامل يوم الجمعة، وتعليق فتح قطاعات جديدة، وربما إغلاق قطاعات تم فتحها مؤخرا، لكننا في المقابل لا نعلم كيف نعود لنتقدم للأمام، ما دامت خطتنا للمطاعيم تراوح مكانها، وتفتقر لبرنامج زمني واضح ومحدد.
لقد سمعنا من مسؤولي القطاع الصحي تصريحات لا تحصى عن صفقات بالملايين من اللقاحات في طريقها للأردن، لكن فقط 53 ألف شخص حصلوا على الجرعة الأولى من اللقاح و33 ألفا على الجرعتين وفق تصريحات نائب رئيس المركز الوطني لأمن وإدارة الأزمات العميد مازن الفراية.
عدم إقبال المواطنين على التسجيل على منصة التطعيم، أمر مخيب وغير مقبول، لكن ماذا لو سجل ملايين المواطنين في وقت لا تتوفر فيه سوى كميات محدودة جدا من اللقاحات؟ لا شك أن ردة الفعل الشعبية ستكون كبيرة وغاضبة. يتعين على المسؤولين في القطاع الصحي أن يعرضوا الحقائق كاملة للرأي العام، دون وعود وتخمينات غير مؤكدة، ومن بعد يمكن التفاهم على الخطوات العاجلة المطلوبة لاحتواء الموجة الجديدة من الوباء.