ليست المرة الاولى التي تنقطع فيها الكهرباء كل هذا الوقت عن الناس، كما انها ليست المرة الاولى التي نسمع فيها نفس التبريرات والاعذار الحكومية غير المتناهية، وأذكر ان احد رؤساء الحكومات السابقين شرح بالتفصيل للنواب ابان انقطاع سابق للكهرباء عام 2013، طريقة الصيانة التي يقوم بها عمال شركة الكهرباء والصعوبات التي تعترض طريقهم، وأذكر ان الرئيس عينه استحضر كل ما يستطيع من تبريرات لتصوير المشاكل التي تعترض عمال الصيانة وغيرهم، وذلك في معرض تبرير الرئيس وقت ذاك لانقطاع التيار الكهربائي عن الناس ابان منخفض ثلجي أدى لانقطاع الكهرباء، وأذكر اننا استمعنا وقتذاك لوعود حكومية بعدم تكرار الامر من جديد، وان الحكومة سترفع جهوزية الشركة والعمال وتستبدل عربات الصيانة بأخرى اكثر تطورا، واذكر ان المديونية ارتفعت منذ عام 2013 وحتى اليوم، بمليارات الدولارات مذ ذاك الوقت حتى اليوم، وكنا نعتقد ان تلك المديونية ذهب بعضها لتحسين البنية التحتية للكهرباء والمياه والهواتف والطرق وغيرها.
ماذا حصل؟ لماذا انقطعت الكهرباء؟ لمذا لم نحسن استعداداتنا؟، لماذا يحصل نفس الامر عند كل منخفض؟، اين اختفت صيانة الكهرباء، ولماذا ما نزال نرى اعمدة كهرباء معطلة ومائلة في الشوارع العامة والفرعية، ونرى اشجارا مطروحة على الرصيف دون ان تقوم كوادر امانة عمان الكبرى بإزالتها؟، أذكر ان كادر الامانة يفوق 5 آلاف موظف اين هم؟!!
الحقيقة الثابتة التي شاهدنا ان حقيقتنا كانت أمر من العلقم، وتلك الحقيقة وضعت امام عيوننا ابان المنخفض الجوي الاخير، فنحن ما نزال في نفس المكان الذي كنا فيه قبل 9 سنوات لا بل تراجعنا، فالمديونية لم ترتفع لأننا حسنا بنية الكهرباء والماء، فالمشاكل هي ذاتها لم تختلف كثيرا، وانما تراجعنا، والانقطاعات قبل نحو 9 سنين كانت تدوم لما يقرب من 12 ساعة او 24 ساعة كحد اقصى، اما الاسبوع الماضي فقد وصلت الانقطاعات لأكثر من 36 ساعة او 48 ساعة في بعض المناطق؟!!. استبشرنا خيرا يوم الاربعاء الماضي ابان دخول المنحفض الجوي القطبي البلاد عندما وصل لبعضنا عبر الهواتف النقالة رسائل قصيرة من شركة الكهرباء جاء فيها «لاننا معك.. شركة الكهرباء الاردنية بخدمتكم على مدار الساعة.. لأي ملاحظات يمكنكم الاتصال على الهواتف الآتية…»، ومرفق ارقام هواتف لطوارئ الكهرباء في عمان والبلقاء ومادبا والزرقاء، اي هواتف اقليم الوسط.
تلك الرسائل وصلت يوم الاربعاء الماضي اي قبل ساعات قليلة من دخول المنخفض الجوي وبعد اقل من 3 ساعات بدأت انقطاعات الكهرباء تتوالى أولا باول، وبدأنا نسمع عن انقطاعات دامت ساعات وساعات، تلك الانقطاعات أثرت على مواطنين ومرضى عانوا كثيرا جراء انقطاع الكهرباء، اضافة الى تلف اجهزة كهربائية، وخضراوات ولحوم وغيرها من مستلزمات البيت التي تحتاج لوجود كهرباء للمحافظة عليها، فضلا عن معاناة مرضى يحتاجون التنفس الصناعي وغيره من اجهزة تعمل على الكهرباء. لا يكفي ابدا اعتراف رئيس هيئة الطاقة والمعادن حسين اللبون بأن هناك «بطئا في عمليَّة إصلاح الأعطال لدى شركة الكهرباء الأردنية رغم توجيه كل الشركات بإعلان حالة الطوارئ منذ ظهر الأربعاء»، كما لا يكفي الركون عند القول انه سيتم محاسبتهم (الشركات) حسب اشتراطات الرخص الممنوحة لهم ومعايير الأداء المعمول بها، وقوله إن الهيئة لن تتهاون مع أي تقصير في تزويد الخدمة للمواطن بصفتها أولوية قصوى للهيئة، وأن الهيئة ستواصل من خلال الضابطة العدلية متابعة أداء الشركات بحسب التشريعات النافذة، ومستمرة في دورها الرقابي على الشركات العاملة في القطاع لضمان اتخاذ الإجراءات الكفيلة بديمومة التيار الكهربائي وتزويد الخدمة.
بكل وضوح نريد ان نرى افعالا على الارض وان يخرج علينا من يتحمل المسؤولية ويستقيل او يقال او يحول للجهات الرقابية حتى نشعر انه بالفعل بتنا نضع النقاط على حروفها الصحيحة وبدأنا قولا وفعلا بمحسابة المقصرين وعدم الاتكاء على التبرير فقط والاتكاء على ان ذاكرتنا (ذاكرة سمكة) لا تدوم طويلا، واننا سننسى ما حصل ونقفز عنه.