الإثنين 2024-11-25 12:21 م

أفق اقتصادي إقليمي قاتم

04:11 م
عدد من التقارير الاقتصادية الدولية ترسم صورة قاتمة عن المستقبل الاقتصادي للمنطقة، أوضحها التقرير الذي نشر في مجلة الاكونمست. وباء كورونا كان سببا في تسريع وتيرة التردي الاقتصادي المتوقع ولكنه ليس سببا وحيدا فيه، فالدلائل تشير إلى أن الاوضاع الاقتصادية كانت في طريق التردي قبل انتشار الوباء وتأثيراته العميقة. اصحاب الرؤية القاتمة يستندون لمؤشرين رئيسين في تنبؤاتهم: انخفاض اسعار النفط ومعدلات البطالة المرتفعة. انخفاض اسعار النفط ليس طارئا او مرتبطا فقط بانتشار وباء كورونا، وإنما له اسبابه الموضوعية منها اتساع وانتشار وسائل الطاقة البديلة وزيادة العرض مقابل الطلب في الاسواق العالمية. 


انخفاض اسعار النفط معناه ان معدلات النمو ومستويات الايرادات في دول الخليج ستنخفض، ما سيؤدي لتأثيرات بالغة على كل دول الاقليم التي تعتمد جزئيا ايضا على نماء اقتصاديات الخليج ومواردها المالية. هذه الدول وبسبب انخفاض ايراداتها، لن تستطيع توظيف الملايين من الاقليم كما تفعل الآن، لأن حجم النشاط الاقتصادي لديها سينحى للتباطؤ، كما انها تحتاج لإعطاء الاولوية لشبابها الخليجيين العاطلين عن العمل والذين تشير ارقام التوزيع الديمغرافي انهم الشريحة الاكبر من سكان دول الخليج. التوقعات ان معدلات البطالة المرتفعة سترتفع اكثر بين شباب الخليج الداخلين لسوق العمل وبين شباب الدول المرتبطة باقتصاديات الخليج بشكل عضوي عميق. صورة قاتمة بالفعل لواقع سيزداد سوءا، تقول تقديرات الخبراء انه جعل من رؤية 2030 السعودية تصبح 2020 لأن لا وقت ولا مجال للانتظار كي تشرع دول الاقليم بتنويع اقتصادياتها وتقليل الاعتمادية على النفط وهي احدى اهم محاور رؤية 2030.

الأردن متأثر بشكل مباشر واساسي بهذه التحولات لأن اقتصاده مرتبط بالخليج على نحو كبير، لاسيما العمالة الاردنية في الخليج وما يترتب عليها من تحويلات من العملة الصعبة للاقتصاد الأردني. الأردن الذي يصنف على انه دولة شبه ريعية بسبب حالة الاعتماد والاستفادة من دول الخليج معني ان يفكر استراتيجيا بالتعامل مع ما هو قادم، فلا يمكن الاستمرار بالنظر شرقا كوسيلة للنماء والتقدم الاقتصادي لأن الشرق سيكون امام مشاكله الاقتصادية العميقة التي لن تجعل منه قادرا على توظيف مئات الآلاف من الأردنيين. المستقبل الاقتصادي للأردن بحاجة لإعادة تموضع إستراتيجي بعيدا عن المعادلات التي حكمته لعقود من الزمان. لدينا صناعات دوائية وغذائية ومصرفية واعدة، ولدينا منجم سياحي مهم نفط خالص اذا ما احسن استخدامه، لكن هذه العناصر على اهميتها لن تكون كافية لتوليد الموارد المالية التي تحتاجها الخزينة او خلق عشرات الآلاف من فرص العمل لشبابنا سنويا. نحتاج أن ندخل السوق العالمي بميزات نسبية وان نستثمر الادوات الضرورية لذلك، وان نتخذ القرارات السياسية غير الشعبوية التي تجعلنا جزءا من الاقتصاد العالمي ولا نبقي السياسة عقبة في وجه توظيف شبابنا وتقديم فرص عمل لهم.                  
gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة