الأحد، 02-02-2020
12:20 م
تتنزل التساؤلات في عمان هذه الأيام، حول ضغط ملفات الإقليم، على الوضع الداخلي، خصوصا، بعد الإعلان عن الخطة الأميركية للسلام، او بسبب الظروف التي نراها في العراق وسورية، وبقية الملفات في المنطقة، وهي ظروف قد تتجاوز سقوف المشهد الحالي، وتأخذنا نحو حسابات جديدة مختلفة كليا.
تبدو عمان بصورة العاصمة المستقرة، اذ تواصل برامجها الاعتيادية، على صعيد الحكومة والبرلمان وبقية المؤسسات، ولا تبدو في صورة المستنفر، وتعطي إشارة استقرار وثبات وكأن لا شيء يمس بنيتها الداخلية على المستوى السياسي، برغم الجوار مع الاحتلال، والتداعيات في الضفة الغربية، وملف القدس، وغير ذلك من ظروف يدير الأردن الموقف منها، حتى الآن بطريقة هادئة تثير حسد خصومه، وتزيد من شعور الأردنيين بالطمـأنينة.
لكن عمان عليها ألا تكتفي بهذا المشهد، فمشهد الثبات والاستقرار على أهميته، لا يبدو كافيا، او منطقيا، اذ لا بد ان تترك ملفات الإقليم أثرها الواضح على كل شيء، وإلا كنا في عالم آخر، وعلى هذا لا بد ان يخرج من يقول لنا اذا كانت هناك انتخابات نيابية هذا العام، او لا، واذا كانت حكومة الرزاز باقية او راحلة، واذا كانت هناك تغييرات تستبق حالة التدهور المحتملة التي قد تستجد على المنطقة، واذا ما كانت كل مؤسساتنا على ذات السوية من حيث الكفاءة والقدرة؟!
حتى الآن لا أحد يحسم المشهد حول الذي سيجري في الأردن خلال الشهور المقبلة، وهناك آراء لشخصيات وازنة تقول إن الأردن سيواجه ظرفا إقليميا حساسا، بما يوجب ان يكشف معه عن مرونة داخلية، ورد فعل بشأن قضايا كثيرة، واذا ما كانت الحكومة الحالية قادرة على الاستمرار أساسا اذا تقرر بقاء ذات الرئيس، او لا، ومن هو البديل، وطبيعة الحكومة المقبلة، وهل برنامجها سيكون اعتياديا، وفي أي ظرف ستجري الانتخابات ولصالح أي قانون، او تعديلات لم تجر حتى الآن، إضافة الى تفاصيل الخريطة الاجتماعية- الاقتصادية، واستدانة الأردن لمزيد من المليارات، وأثر ذلك كله على الوضع العام، وتدافع القوى حولنا وأثرها.
القصة قد تحمل غمزا من قناة الفريق القائم حاليا، وانه غير مؤهل لعام صعب في الإقليم، الا ان من يعرفون من حيث المبدأ ان إدارة الملفات الشائكة على مستوى الإقليم وأثرها الداخلي، ليست بيد الحكومة والبرلمان حصرا، لكن من يثيرون هذه التساؤلات لا يتقصدون القول ان المرحلة المقبلة صعبة جدا، وان الأردن بحاجة الى بدلاء عن كل من يشاركون حاليا في اهم المؤسسات، خصوصا الحكومة والبرلمان، بقدر قولهم انه لا يعقل ان يستغرق الأردن في صورة الثبات والاستقرار، وكأن لا شيء يؤثر عليه في الإقليم، ولا يؤدي الى ردة فعل على صعيد إعادة تشكيل مؤسسات عدة، ووضع برنامج مختلف امام ما قد يستجد بعد هذه المرحلة.
أسوأ ما نعيشه في الأردن هو شخصنة الدعوات، اذ تبدو كل دعوة وكأنها دعوة لإزاحة فلان، من اجل تقدمة علان، لكن القصة هنا مختلفة، تماما، وبالتأكيد فإن عمان على مستويات معينة تدرك بكل بساطة ان توقيت ما بعد صفقة القرن يختلف تماما عن توقيت ما قبل صفقة القرن، ولو من باب المخاطر الإقليمية في المنطقة، حيث يستحيل ان يبقى الوضع كما هو حولنا.
هذا يفتح الباب مجددا للتساؤلات، اذا كنا سنبقى في صورة المستقر حقا، او الراكد غير المبالي، ام الذي لا يحسب بدقة حساب الشهور والسنين المقبلة، ولا يتحوط امام كلفتها بفريق مختلف، وبرنامج مختلف، على كل المستويات.
والكلام هنا مفتوح لمن يريد النقاش، او يفك جيدا اسرار وتحولات المرحلة المقبلة في كل هذا الإقليم المبتلى بكل هذه الاحتلالات والصراعات، فوق اخطار الرسم، وإعادة الترسيم، وصناعة توصيفات وظيفية جديدة للدول والشعوب معا.
لا تتركوا الداخل الأردني، معلقا، وليخرج من يقول لنا ماهي خطتنا خلال الشهور القليلة المقبلة، والى اين نذهب، وبأي فريق سوف نعمل، وعلى أي أساس، وهل برنامجنا الداخلي سيبقى كما هو؟