تدق إسرائيل طبول الحرب ضد إيران من خلال تصعيد مفاجئ عبر تصريحات لمسؤولين من درجات مختلفة، والمؤكد أن توقيت التصريحات يرتبط بعدة قضايا حدثت مؤخرا.
أول هذه القضايا ما يتعلق بالصواريخ التي انهمرت على إسرائيل من غزة، واتهام إسرائيل لإيران بكونها حاضنة عسكرية ومالية لبعض التنظيمات الفلسطينية، إضافة إلى مناورات حزب الله قرب الحدود مع فلسطين، مؤخرا، وسقوط صواريخ قليلة من لبنان وسورية على إسرائيل.
هذا يفسر كلام المسؤولين الإسرائيليين عما يجري في فلسطين، وجوارها حين أشار رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي إلى أن إيران تستخدم سورية منطقة حرب محتملة مع بلاده، وهو يضرب بسورية المثل فقط، لكنه يقصد غيرها قائلا.. "لدينا القدرة على ضرب إيران، ولسنا غير مبالين بما تحاول إيران بناءه من حولنا" قاصدا بذلك فلسطين، وعدة دول حول فلسطين. التصعيد الإسرائيلي تجلى في عدة تصريحات، أبرزها ما قاله رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي حول إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيحصل على دعم لضرب منشآت إيران النووية إذا استنفدت كل الطرق، وفقاً لتعبيره، وأن تخصيب إيران لليورانيوم بنسبة 90 % يعدّ خطا أحمر لكل العالم، وأشار إلى أن إسرائيل لم تضع الوقت ونجحت في تأخير المشروع النووي الإيراني، مشيرا إلى أن واشنطن تعتقد أن الحل الدبلوماسي وارد لثني إيران عن مشروعها النووي، لكن إسرائيل تشكك في ذلك!. والرسالة هنا خطيرة، أي أن إسرائيل في توقيت ما، تهدد بتجاوز حساباتها مع الأميركيين وتنفيذ عملية عسكرية واسعة، هذا على الرغم من أن أغلب المحللين يستبعدون قيام إسرائيل بهكذا عملية كونها قد تتحول إلى حرب إقليمية، وبسبب مصاعب لوجستية معينة، تمنع إسرائيل من تنفيذها منفردة، إضافة إلى تفضيل تل ابيب القيام بعمليات تقطيع متدرجة للايدي بدلا من التورط بهجوم واسع، لا أحد يضمن نتائجه أو كلفته على المنطقة، وعلى إسرائيل ذاتها المحاطة بتنظيمات على صلة بإيران في دول مختلفة، وبعضها مسلح بشكل متطور جدا. وزير الدفاع الإسرائيلي قال في وقت سابق إن إيران تخوض حرب استنزاف ضد إسرائيل بوكلائها القريبين عبر الحدود، وأكد أن إسرائيل ضاعفت هجماتها في سورية لمنع محاولات إيران التمركز عسكريا هناك، وأن كل الخيارات متاحة، لمنع إيران من حيازة سلاح نووي، محذرا في الوقت ذاته طهران من تبعات زيادة نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 90 %. هذه التصريحات المتزامنة ليست صدفة، لكن القراءة العميقة تقول إن إسرائيل قد تتخلى في توقيت معين، عن سياساتها الحالية، أي ضرب مواقع معينة، هنا وهناك، والذهاب إلى الأم الراعية لكل هذه النشاطات، أي إيران مباشرة، خصوصا، أن قلق تل ابيب من إيران يعود إلى أمرين:أولها كما هو معروف، سوار التنظيمات المسلحة الذي اسسته إيران حول إسرائيل، وثانيها التخصيب النووي، الذي تقول بعض المصادر المحايدة أن إيران حققت فيه نجاحات كاملة، دون أن تعلن عن ذلك لاعتباراتها العسكرية والأمنية، في ظل ضغوطات سياسية واقتصادية. من ناحية تحليلية تعكس التصريحات الحادة أزمة في دولة الاحتلال، لأن إسرائيل تدرك أن عملية واسعة ممتدة تعني الدخول في حرب إقليمية، تعرف بدايتها، ولا تعرف نهايتها، ولهذا لا تجد سوى التهديدات، ومواصلة العمليات المتقطعة، دون التورط بحرب قد يرفضها الإقليم، ولا يحتملها العالم بسبب الحسابات الأمنية المعقدة، وصولا إلى حسابات الطاقة والتجارة. كل الأطراف في المنطقة، تزيد من تهديداتها لبعضها البعض، بما يوحي أننا قد نكون أمام مواجهة عسكرية مفتوحة، لكن هذه الحدة قد تأخذ كل المنطقة إلى تسويات إقليمية، وتفاهمات على تقاسم خرائط النفوذ والمصالح، وهذه هي خلاصة أراء لمحللين غربيين يقولون أن الهدف النهائي من هذه المكاسرة، الوصول إلى تسوية ستكون على حساب دول الإقليم، وهويته. في كل الأحوال لا يمكن التبسيط من هذه التهديدات، على الرغم من أنها ليست جديدة تماما، فيما يمكن القول إن إسرائيل ذاتها عالقة اليوم وسط أزمة معقدة.