أنا ضد الاستسلام للكلام حول أن الأردن لا مخرج نجاة له من وباء كورونا، وعلى الرغم من تقديرات الاطباء الأكثر خبرة، مني ومن غيري، إلا ان امامنا الوقت لوقف تمدد الفيروس.
قد يبدو الكلام هنا، عاطفيا، خصوصا، مع تجاوز نسبة الاصابات الثلاثة والعشرين بالمائة، وتقرير صحيفة ” الغد” المنشور يوم امس حول الوباء، مهم، حيث يقول فيه اختصاصي الأمراض الصدرية والتنفسية والعناية الحثيثة الدكتور محمد حسن الطراونة إن..” أوميكرون يجتاح الأردن، لافتا إلى أن أكثر من نصف مليون مواطن يتوقع إصابتهم خلال أسبوع، مشككا بالأرقام التي أعلنتها الصحة، لافتا الانتباه إلى أن الفحوصات موجهة والأرقام أكبر من ذلك بكثير، مشيرا إلى ان الاصابات تتضاعف كل يومين ونصف، خصوصا، مع عطلة الثلج ونهاية الاسبوع”.
في التوقيت ذاته يخرج الوزير الاسبق الدكتور وليد المعاني ويقول إنه..”لم يعد بالإمكان الا الاعتراف بأن التفشي المجتمعي لفيروس كورونا قد تحقق، والمنطق يقول إن الجميع سيصاب ولذلك علينا الإسراع في التطعيم شيبا وشبانا وأطفالا حتى نستدرك أمرنا ونكون على أهبة الاستعداد عندما تضربنا عاصفة الذروة، وما تزال لدينا نافذة قصيرة من الزمن لرفع نسبة التطعيم والتعزيز، فيما عدا ذلك لتجهز مستشفياتنا ونوجه الأموال والكوادر التي نستخدمها لإجراء الفحوص بلا معنى الآن، نحو إدامة المستشفيات وتحضير القطاع الصحي”.
والتحذيرات كلها مثل طبول الحرب، والواضح انها تحذيرات تعتمد على قراءة تحليلية للارقام التي قد لا تكون دقيقة تماما، وقد تكون نسب الاصابة اعلى بكثير، في الأردن، بشكل يتجاوز المعلن.
هذا الوضع ليس حكرا على الأردن، اذ ان دولا كثيرة في العالم، تمدد فيها اوميكرون مجددا، وبنسب مذهلة، وقد وصلت الاصابات في بعض الدول الى ملايين الاصابات اسبوعيا، بما يجعل العالم، امام وضع حساس، على كل المستويات، بسبب الوباء، وتأثيراته الخطيرة، التي تتجاوز الجانب الصحي ايضا، لتضرب اقتصادات العالم، وطبيعة الحياة اليومية التي يعيشها البشر.
الحلول في الأردن، محدودة، لكن ربما نوجه دعوة للناس هنا، الى المسارعة والحصول على اللقاحات، فهي تخفف كثيرا من الاخطار، في حال الاصابة، ومن اللافت للانتباه ان نسب الحصول على اللقاحات ما تزال متوسطة، كما ان نسب الحصول على الجرعة الثانية، مقارنة بالاولى، ليست كما يجب، وهناك حالة امتناع نسبي عن تلقي الجرعة الثالثة، بشكل غير مفهوم.
لم يقل احد اساسا ان تلقي اللقاحات يمنع الاصابة بالوباء، لكن اللقاحات تخفف كثيرا من الضرر الصحي، ومن خطر الدخول الى المستشفيات، اضافة الى اهمية مواصلة الاجراءات الاحترازية على صعيد الافراد، وهو امر شبه غائب، وليس ادل على ذلك من اي جولة في الاسواق الشعبية، مثلا، تكشف ان التحذيرات الصحية لا تصل الى الناس، او انهم يقاومونها بطريقة غريبة، وكأن شيئا لا يحدث في كل العالم، وفي الأردن ايضا، لتسأل نفسك عن سر الامتناع عن التجاوب، برغم المهددات التي تعصف بحياة الناس، وصحتهم، وارزاقهم، وبيوتهم.
لا بد ان تتغير الاجراءات الرسمية، والكل يتجنب الحظر الكلي، او الجزئي، بأي نمط من الانماط، لكن السؤال المطروح الى متى سيتم تجنب هذا الخيار، ثم هل هذا الخيار سيكون مجديا في حال تطبيقه، بعد ان ثبت ان كل اجراءات الحظر في العالم لم تؤد الى نتيجة نهائية، بل عاد الوباء ايضا الى دول طبقت اجراءات حظر صارمة، وكانت نسب التطعيم فيها مرتفعة.
الإقرار بحالة التفشي، يوجب وضع الحلول الطارئة، فورا، لا الاستسلام لهذا الوضع، والزامية اللقاح، باتت هي الحل الوحيد، حتى لا يتسبب الممتنعون بأضرار لشعب كامل.
ما نريده اليوم، عدم الاستسلام للمشهد، لأن الاستسلام خطير على المستوى الشعبي، والرسمي، خصوصا، ان لا احد يضمن ظهور متحورات جديدة، تجعل هذا الفيروس يقود العالم الى خريطة جديدة، وبشكل متدرج، ولا احد يعرف حصرا، ماهي نهايات هذا المشهد الصعب؟.