الثلاثاء، 14-06-2022
03:54 م
ظلت الاستغابة وإلى اليوم ظاهرة اجتماعية ولكن معيبة، فمن لا يعجب الناس، أو من يخشونه، أو يحسدونه، أو يغارون منه، ولا يستطيعون نقده في وجهه، فإنهم يستغيبونه، أي يتكلمون وراءه.
يرى بعض الكتّاب أن الاستغابة شكل من الرأي العام، وأنها لذلك مقبولة، كما جاء في كتاب: أخلاقية الاستغابة ذم: The Morality of Gossip (Jörg R. Bergmann ، 1993).
ولكن الاستغابة لم تعد كما كانت في الأمس، بعد أن صار من الممكن ممارستها ليس بالغرف المغلقة فقط بل علناً بالإنترنت، وتحولها إلى نقد، أو تشهير، وأحياناً إلى ابتزاز، أو إلى إشاعات أو إلى نظريات مؤامرة «يدعي كل واحد منا أنه لا يحبها مع أنه يستمتع بها». وهي فن لا يقول كل شيء، ولكنه لا يترك شيئاً إلا وقد قيل».
عندما يكون المرء مغموراً أو مجهولاً كما في المجتمعات الكبيرة فإنه يصبح أكثر أنانية كما تفيد البحوث العلمية. وبالعكس عندما يكون المجتمع صغيراً وكل واحد فيه يعرف الآخر. ولكنه عندما يكون معروفاً أو مشهوراً على نطاق واسع فإنه يصبح أقل انانية وأكثر غيرية وإيثاراً. ان كرمه الاجتماعي أو تبرعه المالي يرتفعان بمقدار شهرته. وقد رأينا ذلك يحدث بالتبرعات لصندوق «همة وطن» عندما أدى انتقاد (الفيسبوكيين) لأحد الشخصيات المعروفة إلى تبرعه بربع مليون دينار للصندوق ليحلّوا عن ظهره. وحدث الشيء نفسه مع غيره من الشخصيات المعروفة.
معنى أو مغزى ذلك أن الكرم أو التبرع يرتفعان عندما يكون المرء تحت الشمس كما في حملة تمويل مركز الأمل بالتلفزيون في حياة المرحوم الملك الحسين، أو بحضور جمهور. وكلما كان الجمهور أكبر كان الكرم أو التبرع أكثر، وإلا اصيبت السمعة أو الشهرة بمقتل، فلا تجمع تبرعات من الناس في الشارع.
تعني خسارة السمعة الكثير للخاسر/ة، لأنها كلفته الكثير لتكوينها. كما أنه/ا يخسر الناس أيضاً، ويصير صعباً عليه ومكلفاً استعادتها. إن كلمة سلبية أو فعلا سلبيا يصدران عنه، وحتى لو كان ذلك سهواً أو بنية حسنة، كافيان لتعرضه إلى «مدبرة». وقد رأينا ذلك يحدث عندما دعت الشخصية نفسها إلى تقليل ايام العطل الرسمية، وعندما قام نقيب المدارس الخاصة بالتلفزيون باتهام المعلمة الشريكة في اللقاء بالطبقية.
وإذا كان في ذلك كله من درس، فإنه يجب على الشخصية العامة أو ذات السمعة أو الشهرة الحذر في كل ما تقول وتفعل. وقد قالت العرب إن الحرب مبدؤها الكلام، وأهل هايتي يقولون: لعل كلمة تصدر عنك ترتد كسيف قاطع عليك.
إن سلوك الشخصية العامة أو المشهورة في مجتمع مفتوح أو في نظام ديموقراطي مكلف جداً، لأن العيون جاحظة، والآذان المسترقة السمع حاضرة والعقول الناقدة جاهزة.