القوائم الانتخابية اتخذت الصفة القطعية.1693 مترشحا ومترشحة توزعوا على 294 قائمة على مستوى المملكة بينهم 364 سيدة.
الملامح العامة لخريطة المترشحين لا تختلف عن سابقاتها، أغلبية من المستقلين والوجوه الجديدة مع عدد أكبر من الحزبيين مقارنة مع الانتخابات السابقة. لكن هذا المتغير على أهميته، لم يترك أثرا يذكر على الحملات الانتخابية، ربما بسبب أجواء أزمة كورونا التي تهمين على المناخ الانتخابي، والمرجح أنه لن يحدث فرقا كبيرا في تركيبة المجلس الجديد، فباستثناء المحسوبين على التيارات الإسلامية واليسارية بكل تنويعاتها واجهت معظم التشكيلات الحزبية صعوبة على الدوام في بناء كتل ومجاميع متماسكة. معنى القول إن نتائج الانتخابات الحالية قد لا تمنح فرصة لتغيير جوهري في تركيبة المجلس النيابي. ما يمكن توقعه منذ الآن، أن المجلس القادم سيكون أقل صخبا من السابق مع غياب وجوه معروفة عن قائمة الترشيحات. التوقعات تشير أيضا إلى أن كتلة المعارضة الرئيسة ممثلة بحزب جبهة العمل الإسلامي وتحالفاته، ستحافظ على وزنها الحالي في مجلس النواب مع فرص قوية لزيادة حصتها.
وفي ضوء غياب رئيس مجلس النواب السابق عاطف الطراونة عن المعركة الانتخابية، يرى مراقبون أن المنافسة على رئاسة المجلس ستنحصر بين ثلاثة مرشحين أقوياء أحدهم صار مؤكدا منذ اليوم، هذا في حال لم تحصل مفاجآت في الانتخابات تحول دون وصول بعضهم لقبة البرلمان.
التحديات الماثلة أمام العملية الانتخابية تنحصر في عنوانين بارزين، الأول نسبة المشاركة، إذ تشير المعطيات المتوفرة أنها لن تزيد على نسبة الاقتراع في الانتخابات الماضية، لكن ما يقلق أكثر هذه المرة العزوف عن المشاركة لاعتبارات صحية، في ظل تفشي فيروس كورونا والتوقعات بارتفاع أعداد الاصابات مع اقتراب يوم الاقتراع في العاشر من الشهر المقبل. ما تزال أصوات داخل وخارج مؤسسات الدولة تنصح بإعادة النظر بموعد الاقتراع، وترحيله لشهر كانون الثاني”يناير” المقبل، بينما يسود اعتقاد أقوى أن الانتخابات ماضية في موعدها المقرر. المترشحون في المدن وأحياء الطبقة الوسطى في عمان يخشون من تردد الناخبين في القدوم إلى مراكز الاقتراع خوفا من الاصابة بكورونا، رغم الإجراءات المشددة التي اتخذتها الهيئة المستقلة للانتخاب. وفي ظل انعدام الحيوية الانتخابية والمهرجانات الانتخابية يرقب المترشحون حالة من الفتور وغياب الحافز الانتخابي للمشاركة في أوساط شعبية واسعة.
العنوان الثاني، تأثير المال الانتخابي وتفشي ظاهرة شراء الأصوات رغم الإجراءات غير المسبوقة للهيئة المستقلة. العشرات تم تحويلهم للقضاء والذي بدوره لم يتساهل أبدا مع أي شكوى ترده من الهيئة، وبالنتيجة تم توقيف ما يزيد على عشرين متهما. وتستعد الهيئة لتشديد رقابتها على الحملات الانتخابية مع اقتراب موعد الانتخابات، وبتعاون وثيق مع الأجهزة الأمنية التي تلاحق المتورطين. لكن ذلك لم يحل دون تحايل عديد المترشحين على القانون، وتنفيذ عمليات جماعية لشراء الأصوات باستخدام طرق مبتكرة يمكن من خلالها الإفلات من المساءلة والعقاب. وتكثر هذه الظاهرة على نحو لافت في دوائر العاصمة عمان، حيث يتمركز مترشحون من أصحاب الأعمال.
من غير المرجح أبدا أن تحمل نتائج الانتخابات المقبلة تغيرا جوهريا في الحياة النيابية، والمشاكل التي رافقت المجالس السابقة ستبقى معنا لأربع سنوات قادمة. وفي ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي نمر فيها سنجد أنفسنا بعد وقت قصير وقد استنفدنا ثقة المواطنين بالمؤسسات التشريعية والتنفيذية، ودخلنا من جديد في نفس النفق.
المهم أن نملك القدرة هذه المرة على تقديم تشخيص حقيقي لجوهر أزمة الحياة السياسية في بلادنا يتعدى ما نسمعه من كلام مكرر وسطحي عن التشريعات القوانين الناظمة للحياة الحزبية والبرلمانية. الأزمة أعمق من ذلك وتستدعي وقفة تأمل بعد الانتخابات.