تعكف الهيئة المستقلة للانتخاب هذه الأيام على إجراء تعديلات على التعليمات التنفيذية الخاصة بإجراء الانتخابات النيابية القادمة، وذلك بما يتوافق مع القواعد الصحية الواجب اتباعها للتعاطي مع جائحة كورونا، حيث يجري إدخال نصوص قانونية في التعليمات تنص على التباعد الاجتماعي، والحد من الاستخدام المشترك للأدوات ذات الصلة بالاقتراع والفرز.
إن هذه المراجعة للقواعد القانونية الناظمة لتنفيذ الانتخابات النيابية يؤكد على قرب موعد تنظيمها وفق أحكام الدستور، وهذا ما يثير تساؤلا حول مدى دستورية إجراء الانتخابات النيابية القادمة في ظل العمل بقانون الدفاع.
إن قانون الدفاع يعتبر من القوانين الوطنية التي صدرت في عام 1992 لمواجهة حالات طوارئ متعددة أهمها انتشار وباء أو آفة في المملكة، حيث صدر هذا القانون بالاستناد لأحكام المادة (124) من الدستور، وتم بدء العمل به بموجب إرادة ملكية سامية بناء على قرار من مجلس الوزراء. وتتمثل أهم التبعات الدستورية لتفعيل العمل بقانون الدفاع في إمكانية الاستناد إليه لإصدار أوامر دفاع خطية توقف العمل بالقوانين العادية. فقانون الدفاع، وإن كان يجيز تعطيل القوانين والأنظمة النافذة، إلا أنه لا يترتب على تفعيله وقف العمل بأحكام الدستور أو تعطيل أي من نصوصه وقواعده. وخير دليل على ذلك أن الهيئة المستقلة تمارس عملها في هذه الفترة استنادا لولايتها الدستورية في إدارة الانتخابات النيابية والإشراف عليها كما هي محددة في المادة (67/2) من الدستور، وأن مجلس النواب ستنتهي مدته الدستورية في نهاية شهر أيلول القادم وفق أحكام الدستور، وأن إجراء الانتخابات النيابية يجب أن يتم خلال الأربع أشهر التي تلي صدور القرار الملكي بالحل وإلا عاد مجلس النواب السابق استنادا لأحكام المادة (73) من الدستور.
إن إجراء الانتخابات النيابية القادمة في ظل العمل بقانون الدفاع يتوافق تماما مع أحكام الدستور، لا بل قد تكون هناك حاجة ماسة للإبقاء على قانون الدفاع عند تنظيم الانتخابات القادمة. والسبب في ذلك أن قانون الدفاع قد صدر بموجبه أوامر دفاع تلزم كل من المواطنين وأصحاب المنشآت باتباع أقصى درجات الحيطة والحذر واستخدام سبل الوقاية والاحتراز، أهمها أمر الدفاع رقم (11) والتعليمات الصادرة بمقتضاه عن وزير الصحة، والتي تحدد أسس وقواعد تتعلق بالتباعد الاجتماعي وتفرض ارتداء الكمامات والقفازات قبل الدخول إلى الأماكن العامة، وذلك تحت طائلة العقوبات المالية المقررة على الأشخاص والمؤسسات العامة والشركات الخاصة. فوقف العمل بقانون الدفاع يعني انتهاء العمل بهذه الأوامر الخطية، وذلك على أساس القاعدة القانونية أنه إذا سقط الأصل سقط الفرع.
إن أوامر الدفاع التي تقرر قواعد السلامة العامة يجب أن تُقرأ مع تعليمات الهيئة المستقلة للانتخاب ذات الصلة بإعداد جداول الناخبين، والترشح والدعاية الانتخابية، والاقتراع والفرز بحيث يتم معاقبة كل من يخالف هذه التعليمات بالاستناد إلى تلك الأوامر الخطية.
فيكون قانون الدفاع هو الضامن للالتزام بتعليمات الهيئة المستقلة الناظمة لإجراء الانتخابات النيابية القادمة.