هل يساعد قرار الحكومة بفرض رسوم جمركية على التجارة الإلكترونية، القطاعات التجارية على زيادة مبيعاتها المباشرة في السوق الأردني، ويدعم بذات الوقت السلع المصنعة محليا؟
كان هذا هو المبرر الأساس الذي استندت إليه الحكومة لتحقيق ما وصفته بالعدالة بين التجارة الإلكترونية والتقليدية وحماية القطاع التجاري الذي لم يتوقف عن الشكوى من انخفاض مبيعاته بسبب التجارة الإلكترونية.
القرار أيضا يمثل ضرب عصفورين بحجر واحد، فإضافة إلى ما سبق، يحقق القرار عائدات مالية للخزينة هي في أمسّ الحاجة إليها في ضوء تراجع الإيرادات الضريبية في النصف الأول من العام الحالي.
أعتقد أنه وعلى المدى القصير سيؤدي قرار الحكومة إلى تراجع حركة الشراء الإلكتروني، والتي تقدرها مصادر رسمية بنحو 300 مليون دينار سنويا. لكن هل سينعكس ذلك زيادة على حركة الشراء من الأسواق المحلية؟
يتطلب الأمر إجراء مسوحات تسويقية بعد فترة من الوقت لقياس النتائج. ثمة من يشكك بقدرة السوق المحلي على تحقيق مكاسب من وراء هذه الخطوة، لأسباب عديدة، اهمها أن المستهلك الذي اعتاد على التسوق الإلكتروني لن يتخلى عن سلوكه الاستهلاكي بسهولة، وسيتكيف بمرور الوقت مع زيادة التكاليف، لأن دافعه لاعتماد الوسائل الإلكترونية في الحصول على احتياجاته، قناعته بجودة السلع الأجنبية مقارنة مع المحلية. والسبب الثاني سهولة التسوق الإلكتروني الذي تحول إلى عادة وثقافة مقارنة مع التسوق المباشر من الأسواق الذي يتطلب وقتا وجهدا، لا يجد الكثيرون متسعا له في حياتهم اليومية، ناهيك عن أن بعض المستهلكين من كبار السن وربات البيوت يجدون في التسوق الإلكتروني خلاصا من معاناة التنقل في الأسواق، وبديلا مجزيا عن أكلاف ترتبها حركة التسوق في مدن وشوارع مزدحمة.
وينظر خبراء إلى قرار الحكومة باعتباره خطوة تتناقض مع استراتيجيتها التي تقوم على تمكين ثقافة الحكومة الإلكترونية وتسهيل حصول المواطنين على الخدمات وكذلك السلع بأقل كلفة وجهد ممكنين.
ولذلك ينبغي على القطاعات التجارية ألا تركن إلى قرار الحكومة، وتتوقع تحولا جوهريا في حركة الشراء لصالحها. الخيار الأفضل والذي يستجيب إلى التحديات التي تفرضها ثورة التكنولوجيا، هو تطوير قدراتها في مجال البيع الإلكتروني، وعرض بضائعها بطريقة جذابة عبر المنصات الإلكترونية، وتقديم خدمة التوصيل للمنازل التي تشهد توسعا كبيرا في السوق الأردني. الطريقة التقليدية بالبيع والشراء في طريقها للاندثار عالميا، فليس مهما بعد اليوم أن يصحو التاجر مبكرا لفتح دكانه، بل جهازه الإلكتروني ليدير من خلاله تجارته ويتواصل مع زبائنه.