يقول المختصون بالوضع الوبائي إننا قد بلغنا الذروة في إصابات الموجة الثانية من فيروس كورونا المستجد، وفي طريقنا لمزيد من التراجع في عدد الاصابات، والأهم في نسبة الفحوصات الايجابية.
لكن وفي العموم ما نزال في مرحلة خطرة، بالنظر إلى تسجيل وفيات يومية مرتفعة، وإصابات بالآلاف، ووجود ما لا يقل عن 3 آلاف على أسرة الشفاء في المستشفيات. التراجع الطفيف في معدلات الاصابة ونسبة الفحوص الايجابية، أغرت بعض القطاعات وبتشجيع من تصريحات لأطباء ومسؤولين للمطالبة بتقليص ساعات الحظر وفتح قطاعات قبل بداية شهر رمضان المبارك. الحكومة كانت قد أعلنت عن حزمة من التدابير المشددة حتى منتصف الشهر المقبل، استنادا لتقديرات علمية بانخفاض المنحى الوبائي والسيطرة على الموجة الأشد شراسة، وساهمت هذه الإجراءات منذ البدء في تطبيقها باحتواء الذروة الوبائية، رغم تشكيك المتضررين وبعض الأطباء دون تقديم أي أدلة تدعم هذه الشكوك.
أي تراجع عن الخطة في منتصف الطريق يعني العودة إلى نقطة البداية، هذا ما تعلمناه من تجربة السنة الماضية، ومن تجارب دول سبقتنا في تطبيق قواعد الإغلاق المشددة والعودة عنها قبل احتواء الوباء بشكل كامل. نحتاج للأسابيع الستة المقبلة، لتكثيف حملات التطعيم مع وصول شحنات كبيرة من اللقاحات كما هو متوقع، لتأمين سلامة الفئات المعرضة للخطر أكثر من غيرها، والقوى العاملة في قطاعات حيوية كالسياحة والخدمات حتى نتمكن من توفير ظروف آمنة مع بداية الصيف المقبل.
ينبغي على رجال الأعمال والعاملين في مختلف القطاعات أن يدركوا بأن الاستعجال في تخفيف القيود ربما يوفر على المدى القصير حركة اقتصادية أفضل، لكن الانتكاسة ستكون وخيمة وتفرض خسائر على المدى المتوسط. نعلم أنه ومع تراجع أعداد الاصابات والوفيات، سيشعر الكثيرون بحالة من الاسترخاء، لكن ذلك ينبغي ألا يخدعنا ويخدع المسؤولين تحديدا، لأن بعض التصريحات المتفائلة عن تحسن الوضع الوبائي حاليا، يجري توظيفها لممارسة الضغوط على السلطات الحكومية لتخفيف القيود قبل أوانها.
الدول التي قطعت شوطا أطول في حملات التطعيم، تبدي حذرا شديدا حيال تخفيف القيود، وتحاول برمجة خطواتها لتجنب الانتكاسة الوبائية. وفي بلد سياحي مثل تركيا اتخذت الحكومة هناك قرارات صارمة لشهر رمضان، للحؤول دون تفشي الوباء بشكل واسع، حيث حظرت الصلوات وأماكن الترفيه.
لدينا في الأردن فرصة ممتازة لقطع الطريق على موجة ثالثة، بعد أن بلغنا معدلا مرتفعا من المناعة المؤقتة، وانتظمنا في برنامج التطعيم ضد الفيروس، وإذا حافظنا على التزامنا هذا للأسابيع الستة المقبلة، أو الخمسة على وجه التحديد، سنتمكن من العبور إلى مرحلة التعافي والعودة لحياتنا الطبيعية. قليل من الصبر سيجنبنا أفدح الخسائر.