في العام 2015، تبادلت الحكومة والقطاع الخاص الاتهامات بشأن أسباب ضعف المشاركة الأردنية في معرض اكسبو-ميلانو في إيطاليا، وهو المعرض الذي يقام كل 5 سنوات في واحدة من مدن العالم، ويستمر على مدار مدة ستة أشهر.
حينها، لم يكن للأردن تواجد يليق بالخطط الوهمية التي كانت تلقى على مسامعنا بخصوص جذب الاستثمار، أو تسويق صناعاتنا ومنتجاتنا تجاريا، ولا حتى ترويج المملكة سياحيا. كان حضورنا في المعرض لا يرقى أبدا لحجم واقعنا، وتعاملنا مع المعرض كما لو أنه حدث أقل من عادي، وأنه لا يضر أو ينفع. يبدو أن حضورنا كان هناك فقط للاستجمام والسياحة، بعيدا عن أي هدف وطني.
اليوم، طوينا صفحة مشاركة العام 2015 بكل خيباتها، ولم يحاسب أحد على الأخطاء التي حصلت فيها. بعد تأجيله جراء جائحة كورونا، تتطلع جميع دول العالم في الأول من الشهر المقبل إلى دبي التي تستضيف المعرض تحت شعار “تواصل العقول وصنع المستقبل”، والذي يتوقع أن يستقبل أكثر من 25 مليون زائر على مدار إقامته. والسؤال: ماذا أعددنا للمشاركة في هذا المعرض العالمي المهم، وما الذي فعلناه لكي تكون مشاركتنا على مستوى الطموح؟! باختصار؛ تم تخصيص جناح خاص؛ ثقافيا واقتصاديا واجتماعيا، لكننا لم نعرف حتى هذه اللحظة ماذا أعدت الحكومة لهذا الأمر، وكيف نسقت المشاركة مع القطاع الخاص، وما هو حجم مشاركة هذا القطاع في المعرض، وهل سينجح جناح الأردن في عرض الصورة الحقيقية للمملكة، وهل أعددنا لمشاركة ستكون نتائجها مثمرة؟
كلها أسئلة تلح على تفكير المتابعين الغيوريين، والذين يتمنون أن نتجاوز أخطاء التحضير للدورة السابقة، ولكن عند زيارة صفحة الأردن على موقع “اكسبو 2020” الإلكتروني، لا نجد تفاصيل كثيرة حول جناح الأردن. ما هو موجود فقط يقدم وصفا لماهية الجناح لا محتواه. ولا ندري فعلا، هل تقع هذه المسؤولية على عاتق المنظمين أم المشاركين!! لا شك أن المعرض يعتبر فرصة لجني فوائد جمة أساسها الترويج للأردن في جميع القطاعات، إلى جانب استعراض ما نملكه من فرص استثمارية، وبناء شراكات مع دول وهيئات ومؤسسات ومنظمات عالمية. لكن تحقيق ذلك يتطلب، في الأساس، أن يكون المعرض بمحتواه ونشاطاته زاخرا ومميزا، لا فارغا من المضمون.
حتى ننجح في لفت انتباه الزوار والمشاركين من مختلف القطاعات يجب ألا يقتصر جناح الأردن بالمعرض على استعراض المنجر والتاريخ، بقدر ضرورة تقديم رؤية لأردن المستقبل على جميع المستويات. نحن لا نريد إعادة تجربة 2015، حين اقتصرت المشاركة الأردنية، كما وصفها بعضهم، على شاشة عرض تلفزيونية صغيرة جدا بدون صوت، وعلى موظف يقوم بتعبئة عبوات رملية! في جميع أنشطتنا ومشاريعنا وفعالياتنا، نظل دائمين ننزع نحو التسويف والتأجيل، وعندما يدركنا الوقت نتذكر فجأة أن ثمة أعمالا ينبغي إنجازها، فنلجأ إلى السرعة التي تكون دائما عدوة الإتقان. لذلك، إن لم تكن المشاركة هذه المرة بحجم الحدث، بحيث يحترم الجناح الأردني تاريخ البلد وحاضره ومستقبله بين شعوب العالم، فالأجدر ألا نشارك حتى لا نجدد خيبة الأمل، وألا نضع أنفسنا بموقف فيه خزي وعار كما حدث في ميلانو الإيطالية.