بموجب قانون الأحزاب (7) الذي صدر هذا العام، لا بد أن ينبثق عنه نظام ينظم العمل الحزبي داخل حرم الجامعات والمعاهد التعليمية، وهو ما يتم العمل على إنجازه حاليا.
وللتاريخ، يجب القول إن ممارسة العمل السياسي كانت مسموحة بالسابق داخل الجامعات، لكن كان ذلك يتم من خلال اتحادات ومجالس أو أندية طلابية وإن بشكل مقنن جدا، أما العمل تحت مسمى حزب ما فقد كان ممنوعا بموجب أنظمة وتعليمات، رغم أنه عمليا وعلى أرض الواقع، كانت كتل وتيارات معينة معروف أنها قريبة من حزب أو تيار سياسي ما بل وتمثله.
الآن، وبموجب القانون، أصبح العمل الحزبي مباحا والتعرض له مجرم بأحكام القانون، لكن ذلك كله يجب أن يتم من خلال نظام يصدر للجامعات كافة لهذه الغاية.
حتى يكون لدينا نظام محكم ودقيق، يتسم بالحضارية والديمقراطية والانفتاح، وبالوقت ذاته يضبط الأمور بصورة تراعي العملية التعليمية والتدريسية، لا بد لنا أن نعي تاريخ تطور هذا الشأن، وأن نضع نصب أعيننا ضرورة الموازنة بين حق وضرورة أن تمتلئ حياة الطلبة الجامعية بنشاطات سياسية هادفة تشحذ طاقاتهم وتستفيد منها بالقنوات الصحيحة بما يعود بالخير على الوطن، وبالوقت ذاته ألا ننسى أن الجامعات منارات علم البحث العلمي والعملية التدريسية أساس وجودها، وأن السماح بالعمل الحزبي لا يجب بحال أن يكون على حساب هذه الأهداف النبيلة، بل أن تسخر النشاطات الحزبية خدمة لهذه الأهداف. نريد للطلبة أن ينخرطوا بالعمل العام بكفاءة ودون خوف ووجس، لكن لا أن تصبح جامعاتنا ميادين العمل السياسي الأساسي على حساب ميادين العمل السياسي على امتداد الوطن، لا سيما أننا نشهد حالة وطنية شاملة من التحديث السياسي فيها دور مهم وطليعي للأحزاب، وبالتالي النشاطات الحزبية الأصل بها أن تكون من خلال الأحزاب التي يجب أن تعمل على طول الوطن وعرضه.
بدأ تاريخ العمل الحزبي بالجامعات بشكل جدي منذ السبعينيات. كان الأردن يعيش مرحلة الأحكام العرفية والأحزاب ممنوعة، لكن النشاطات كانت تتم، تحت أسماء أحزاب أو من دونها، فالأردن حتى أحكامه العرفية فيها مرونة وحكمة، وكان الطلبة يعاقبون لمخالفتهم بعقوبات لم تكن مؤذية توجيهية في غالبها.
الطلبة الحزبيون كانوا يتسابقون على استمالة زملائهم لأفكارهم، وكانت المسيرات والبيانات والنشاطات تحدث، وكانت الجامعات متفاعلة بشكل كبير مع الأحداث السياسية القومية والوطنية، واستمر ذلك نهاية الثمانينيات.
فترة ما قبل استئناف الحياة الديمقراطية 1989، شهدت استباحة كاملة للعملية التعليمية والبحثية مع كل أسف. كان النشطاء السياسيون يدخلون قاعات المحاضرات يقتحمونها ويوقفون العملية التدريسية ويخرجون الطلبة للمسيرات عنوة.
كان بعض الهيئة التدريسية يمارسون التفضيل السياسي في تفاعلاتهم مع الجسم الطلابي. كانت الأجواء اليسارية طاغية ومجنونة استباحت الحرم الجامعي وأجهزت عليه.
لم يخل الأمر من عنف سياسي ومشاجرات بين التيارات السياسية نصرة لذاك الحزب أو ذلك القائد.