الخميس 2024-11-28 23:50 م

الحكومة تلومنا ونحن نلومها

04:05 م

نحن في حالة اضطراب، وهي حالة يتشارك بها الكل، لأن لا احد يحسم القرارات، ولان لا احد يتعاون من جهة ثانية، والخلاصة اننا نعبر فترة اضطراب صعبة.

من بين عشرة ملايين شخص في الأردن، مواطنين وغير مواطنين، حصل على مطعوم كورونا، عشرات الآلاف فقط، وهذا يعني ان الغالبية ترفض الحصول على اللقاح، ولم يتقدم بطلب التسجيل الا ربع مليون شخص، وربما اقل، وهذا يعني ان الوباء باق بيننا.



في الوقت ذاته تتناقض التلميحات، حول القطاعات المختلفة، بين من يريد فتح الجامعات، او مواصلة اغلاقها والتعلم عن بعد، او المزج بين النمطين، وآخرون يحتجون على فتح المدارس، ومثلهم يريدون اغلاق المدارس.
مركز القرار الحكومي، تارة يقف هنا، وتارة هناك، وهو محتار ما بين الصحي، وضرورة عودة الحياة الى طبيعتها، وهو أيضا بلا شك متضرر من هذا التشويش.

عشرات القطاعات مغلقة، فإذا تم فتح احدها، لم يتعاون، ولم يلتزم، كما يتوجب، وكأنه يريد اغلاق القطاع مجددا، واذا فتحت قطاعا، احتج آخر ما يزال مغلقا، ووسط هذا الكلام، مخاوف من عودة حظر الجمعة، او تغيير ساعات الحظر، بعد ان ارتفع عدد الحالات، وكذلك وسط المنطقة العربية، التي عاد فيها عدد الحالات للزيادة مجددا، بعد ان تسلل الفيروس المتحور أيضا الى المنطقة، وهكذا لا يعرف احد الى اين تتجه البوصلة.
حالة الاضطراب، هذه باتت سمة الكل، الحكومة، والناس، والازمة الأكبر تكمن في تحميل المسؤوليات، وتبادل الاتهامات، فالحكومة تقول ان الناس هم السبب في حالات كثيرة، والناس يقولون ان الحكومة وتغير القرارات، وعدم اليقين هو السبب، فيما الكلفة على الصعيد الاجتماعي والصحي والاقتصادي تتعاظم يوما بعد يوم.

من باب الانصاف هناك نقاط ضعف عند الكل، فالناس لا يتجاوبون أيضا مع حملات التطعيم، فلا تعرف كيف سنخرج من الازمة، ما دامت الغالبية العظمى ترفض التسجيل للتطعيم، وهذا يعني ان الوباء سيبقى موجودا في الأردن، لمدة أطول مقارنة مع دول ثانية، وقد يأخذنا هذا بعد قليل الى قرار إلزامي بالتطعيم، لأن بقاء الامر خيار لن يؤدي الى تغيير موقف الناس، كما ان حملات الحكومة لحض الناس على التطعيم وبرغم انها علمية ومنطقية، الا ان هناك مقاومة غريبة من جانب كثيرين، والكل للمفارقة يريد ان يجرب بغيره، قبل ان يحصل هو على التطعيم، وهي مفارقة تكشف أيضا ان الناس يفترضون الأذى ويريدون رؤيته بغيرهم أولا، قبل ان يقعوا فيه هم، بما يؤشر على ان الفردية هي الغالبة هذه الأيام.

حالة الاضطراب سببها أيضا طبيعة الازمة، فهي متقلبة، ومتغيرة، وكل يوم يطرأ عليها مستجدات، والقدرة على اتخاذ قرار لفترة طويلة، تبدو صعبة جدا، فتقع الحكومة في حيرة، تأخذ قرارا، ثم تعود عنه، او تؤجل قرارا، حتى تستبصر طبيعة الوضع الوبائي، واحيانا تخضع لمطالب الرأي العام، واحيانا تعاند هذه المطالب، وفقا لكل حالة على حدة.

لا بد ان تنتهي حالة الاضطراب، فإن لم تنته، لا بد من خفضها، ولو عدنا الى تحليل المضمون بين الجمهور، خلال العشرة الأيام الأخيرة، لوجدنا عدم اليقين سائدا.

هذه الحالة ربما موجودة أيضا في دول غربية وعربية، اذ تؤخذ قرارات، ثم تتم العودة عنها، واحيانا يتم اصدار قرارات غير متوقعة، وشروط الاغلاقات تتغير يوما بعد يوم، وهكذا تتفوق الازمة في إدارة حياة الناس، على الحكومات، والشعوب معا.
قد تبدو مبالغة اذا طالبنا الحكومة وحدها خفض حالة الاضطراب، لكن المطالبة أيضا موجهة الى الناس، ومن جهتهم، للمساعدة عبر الحصول على اللقاح حتى نتخلص من هذا الوضع، وعبر الالتزام بالإجراءات الاحترازية، حتى تنخفض الإصابات، وبدون ذلك سنعود الى إجراءات صعبة، ولن ينفع وقتها اللوم المتبادل، الحكومة تلوم الناس، والناس يلومون الحكومة، وبينهما بلد تبحر سفينته بصعوبة بالغة، دون ان نجد حلا نهائيا.

يبقى السؤال، كيف سنعود الى حياتنا الطبيعية، فيما لا يريد الناس الحصول على اللقاح، ولا يريدون الاغلاقات ايضا، وفي الوقت ذاته لا يريدون الالتزام بالإجراءات الاحترازية؟.
والإجابة بحاجة الى معجزة غير متوفرة على هذا الكوكب.

gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة