إن "إعلام" منصات التواصل من الحقائق الصلبة الراهنة، التي ستتنحى لاحقا، بشكلها المعروف، لصالح صيغ جديدة، كما تنَحّت قبل ذلك الصحف الأسبوعية التي تسيدت واجهة الصحافة والإعلام نحو عشر سنوات في فترة منتصف الثمانينات. هذه المنصات من ثمار التقدم في مجالات مختلفة، وهي منصاتُ خيرٍ وشر في آن معا.
وكما أن علينا التحوّط مما هو راهن، علينا أيضا التحوّط مما هو قادم، مما لا نعلم بعد، أن جاء يحمل أذىً أوسع وأشد إضراراً بالناس. وقد قيل "ذنبان لايُغفران، الشركُ بالله والاضرارُ بالناس". معلوم ان الإقبال على المنصات يرتفع عندما يضيق ميدان التعبير عن عدم القدرة على تحمل الظلم والفاقة والفساد والبطالة والزبونية، حينذاك ستكون فرصةً ذهبية لبروز "نجوم العًرط" يذرعون ويشتمون ويدينون ويخوّنون، ويدلقون سوادهم وعُقَدهم على كل منجز وجميل في بلادنا.
سيتعربش فرسانُ الغفلة، وجنرالات حزب الكنبة الأميون على فضاء السوشيال ميديا، يطلقون الأحكام وينصبون محاكم إدانة واغتيال المسؤولين الذين يعملون بشرف ونزاهة وإخلاص. وللأسف المفرط أن بيننا من يتحلى بانتهازية مفرطة ايضا، بحيث يصبح موظفا "ببلاش" عند أهل السواد والقتاد، يروّج ما يقئ المذهونون ويعيدون إرساله بحجة الاطلاع والاستماع لنبض الشارع !! لن يفعل "المتحمسون الأوغاد" -والمصطلح للراحل محمد طمليه- سوى صب المزيد من اليأس في روع الناس وزيادة آلامهم وقنوطهم.
كل هذا التحذير لا يدفع عن الحكومة واجب وضرورة التفكير الابتكاري بحثاً عن حلول وبدائل تسهم في التخفيف من وقع أزماتنا المعروفة الموصوفة.
ننتظر ثمار الحوار الوطني الواسع في خطة معالي فيصل الشبول حول السياسة العامة للإعلام والاتصال الحكومي، التي يدير حواراتها الصديق الموثوق البروفيسور موسى شتيوي رئيس المجلس والاقتصادي والاجتماعي الآن. ستظل منصات التواصل مطية الرويبضات والفشارين وطامةً على المجتمعات، طالما أن النخبة تهاب السنتها وتخشى ان تصبح مضغة لها وتغمض عنها كلياً كأنها غير موجودة. ليس هذا فحسب بل ان بعض النخبة يقدمون لها أوراق اعتماد مكشوفة، وذلك بالتعرض لمن يفضحهم، بحجة ملفقة هي الدفاع عن الرأي الآخر.