الثلاثاء 2024-11-26 01:29 ص

الضرب والحرب هناك والصراخ هنا..

04:28 م
 في أكثر من مناسبة، نتناول مصطلح "الاكتفاء الذاتي"، ومصطلح "الاعتماد على النفس"، وهما ربما مصطلحان من ثقافة بائدة، أصبحت غير موضوعية وغير منطقية، ولا تتوافق مع اي مفهوم تجاري، لكنها تصبح مقبولة استراتيجيا حين تنطلق من مفاهيم وطنية أمنية، ولا يمكن بسهولة اثباتها أو تحقيقها للدول والشعوب، وهذه واحدة من أهم قوانين السوق، التي تمليها على الدول والحكومات حتى لو كانت عظمى .. مثلا: مهما زرعنا في الاردن من القمح، فهو سيكون غير مجد اقتصاديا، لا من حيث السعر ولا الجودة، فهناك قمح أكثر جودة وأقل سعرا، وهذا حديث بل حقيقة اقتصادية تجارية، وإن سألنا لماذا القمح في بعض الدول أفضل وأرخص، فمرد هذا لوجود الماء والمساحات الزراعية في تلك الدول، اما وطنيا فالموضوع مختلف، حيث تنفق الدول انفاقا إضافيا لتلبية الطلب المحلي على سلعة ما، لتتحاشى الإملاءات الخارجية، وتحافظ على سيادة قراراتها، وهذا أيضا كلام "رومنسي"، حيث لا يمكن ان تقوم دولة نامية او في عالمنا بحماية موارها من صراع وأطماع القوى الاقتصادية والعسكرية الكبرى، ونظرة إلى سوق النفط ومصادره تكفينا يقينا بأن السعي للاكتفاء الذاتي ومن ثم حمايته امر غير ممكن. في الحرب المحتدمة على عدة جبهات، تدفع شعوبنا وكل شعوب العالم فاتورة مؤلمة، رغم عدم اشتراكها في الحرب وعدم اعتمادها على اقتصاد وانتاج الدول المشتبكة عسكريا، ونظرة واحدة الى تقارير الصحافة وأخبار الاقتصاد والمال، تثبت لنا بأن العالم كله يدفع فاتورة حرب ويواجه تحديات اقتصادية وسياسية وامنية، متعلقة بحرب بعيدة جدا عن غالبية الشعوب والمناطق. التعقيدات والتحديات التي فرضتها الحرب شرق اوروبا، تزيد اشتعال الحرب نفسها، ولا تدفع اطرافها للتراجع، بل التقدم والتورط والانغماس أكثر، سيما وأن الأطراف المستفيدة من نتائجها غير متورطة فيها بالفعل، اعني عسكريا وأمنيا، لكنها تتخذ تدابير وإجراءات ومواقف كفيلة بزيادة الصعوبات والتحديات والازمات على العالم كله وليس فقط على الدولتين المشتركتين في النزاع. وكدليل على ان الحكومات مهما بلغت قوتها، ضعيفة أمام هذه التحديات وأنها لا تملك قرار السلم، فالذي يحكم ويرسم على الأرض فعلا هي الشركات وليست الجيوش والحكومات التي نتابعها ونتقصى قوة وصلابة وسلامة مواقفها، فحكومات اوروبا وامريكا وشرق آسيا، تتخذ قرارات اقتصادية ضد روسيا، بينما تقول الحقيقة بان هذه الدول نفسها ستتأثر بها وتعاني منها هي وشعوبها واقتصاداتها. امريكا، وشركاتها، تمنع تصدير صناعات تكنولوجية "أشباهه موصلات" لروسيا، وهي رقائق اليكترونية دقيقة تستخدمها روسيا في تقنياتها العسكرية الصاروخية وغيرها، بينما هي تعلم بأن روسيا تتحكم بإنتاج الليزر الذي تستخدمه الشركات الامريكية بل العالمية لتصنيع هذه هذه التقنيات، ويمكن لروسيا أن توقف انتاج وتصدير "النيون" النقي، القادم من مصانع اوديسا الأوكرانية، والذي يشكل 01% من حاجة هذه الصناعات في العالم .. مبارزة وعض أصابع بين شركات وجهات مستترة، تنعكس آلاما ومعاناة ومجاعات ودماء على الشعوب كلها، فكيف


سيكون الحال مع شعوب دول ضعيفة تعيش على المنح والمساعدات ولا يمكنها انتاج خبزها؟!
gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة