«الأخبار الرسمية « لا تذكرهم بالاسم ولا تذكر التفاصيل والحيثيات، لكن قنوات التواصل الاجتماعي تغلي بالمعلومات والشائعات والتخمينات عن ملاحقات التهرب الضريبي أو الفساد، وبعد كثير من الخلط والالتباس في المعلومات تعود حالات الحجز التحفظي الموثقة على الأموال والموجودات لتقلص دوائر الشائعات وتسلط ضوءا اكثر تحديدا.
لماذا الهجوم بملف التهرب الضريبي الآن؟! مع التعليقات المتشفية كانت هناك أيضا تعليقات متشككة ذهبت مذاهب شتى. وعلى ذمّة روايات متعقلة فالأمر جاء ردّا على تمنع بعض كبار الأثرياء والنافذين عن المساهمة المفترضة منهم في صندوق همّة وطن وهم الذين حققوا ثرواتهم الضخمة في البزنس من خيرات البلد أو من الميزات والامتيازات وما أحيل عليهم من عطاءات، ثم اذ احتاجهم الوطن في زمن الشدّة تباخلوا عليه ولو بجزء يسير مما يحوزون.. ونسوا ان لدى الدولة ما تحاسبهم عليه ان لزم الأمر وبالقانون أكان بالتجاوزات في التسهيلات أو في التهرب الضريبي وغيره.
ما يحصل عندنا تحت عنوان مكافحة الفساد و- أو التهرب الضريبي يختلف قطعا عما جرى في السعودية أو يجري في سوريا. نحن دولة قانون ومؤسسات وما يمكن عمله مقيد حرفيا بالقانون حتى في ظلّ قانون الدفاع ولا يمكن المس بثروة أي شخص الا بالقانون بما في ذلك الوصول الى تسويات اذا تعلق الأمر بمطالبات وحقوق مالية للدولة. مع ذلك يمكن للشكوك ان تبقى قائمة حول الانتقائية واختيار أشخاص دون غيرهم..هذا دون اغفال ان العملية كلها قد تعود بمردود متواضع ( بضع عشرات الملايين مثلا؟!) أقل كثيرا من الثمن السياسي والبلبلة وفرضيات المزاجية وتصفية الحسابات في بلد رأسماله التاريخي والمميز هو المؤسسية والقانون والبيئة الآمنة للملكية والمال والأعمال. إن ملاحقة التهرب الضريبي بأثر رجعي قد تمكن من تحصيل شيء من شخص أو اثنين أو عشرة وهم ليسوا وحدهم من تهرب بل يمكن الجزم بأن كل ثروة بلا استثناء وبقدر ما تستطيع تهربت من الضريبة.
من هنا اريد تقديم مقترح بديل أو مواز كنت أدخره للعرض في اطار النقاش حول خطتنا الاقتصادية الشاملة لمواجهة كورونا والأزمة الاقتصادية وهي قد تكون الأسوأ في التاريخ علينا وعلى كل البلدان. والاقتراح هو تحميل الثروة الخاصّة حصّة من المسؤولية العامّة بفرض ضريبة استثنائية على الثروة. نحن نأخذ فقط الضريبة على الارباح من العام الذي نحن فيه والارباح ستقل هذا العام، لكن ماذا عن الثروة المتراكمة من سنوات سابقة؟! لا يمكن بدون قانون تحصيل حصّة عادلة من الجميع كما حصل مع «فزعة» همّة وطن. فرض ضريبة استثنائية على الثروة هو الوسيلة الشفّافة الواضحة التي تطبق على الجميع دون محاباة او تمييز أو تمنن من أحد. والضريبة على الثروة تحصل لمرة واحدة او كل بضع سنوات وتشمل الأصول باستثناء تلك المخصصة للاستخدام المباشر من اصحابها كالبيوت والسيارات والأثاث مع اعفاء حد ادنى من النقد والودائع والاسهم والسندات وما يزيد يخضع بنسبة معينة للضريبة ولن تثقل الضريبة على الأصول العقارية والانتاجية للمالك لأنها ستكون على شكل اسهم للدولة في تلك الاصول تدار من صندوق متخصص.