الحي المقابل لمستشفى الجامعة الأردنية ومركز علاج السرطان تحول بين ليلة وضحاها الى موقف للسرفيس وفضاء استولت عليه باصات الكوستر التي تنقل الطلبة من الجامعة الى مدن السلط والزرقاء ومادبا وسائر احياء العاصمة. في الشوارع الضيقة والدخلات القصيرة تقف عشرات الباصات لتغلق مداخل العمارات دون اكتراث لحاجات اصحابها.
سكان المنطقة يشعرون بالاحباط والخذلان وخيبة الامل مما يجري لحيهم, فقد نقلوا همومهم لشرطة المرور الذين يطلون على الموقع ثم يغادرون بلا إجراء والناس في الحي لا يعرفون حتى اسم من يمثلهم في مجلس الامانة ولم يسبق لهم ان التقوا مسؤولا ليشرح لهم ما يجري او يعتذر لهم عن الازعاج والتعديات على حقوقهم في السكينة والمرور والفضاء الخالي من الازعاج ناهيك عن تحول حيهم الى موقف للسيارات العمومية والباصات بعد ان كان وادعا وهادئا ومريحا.
كما في المراكز الحضرية يعاني الاردنيون ازمات ومشاكل وعقبات على الطرق التي يسلكونها في جميع الاتجاهات. في جرش والسلط والزرقاء والصحراوي وباتجاه البحر الميت تعاني الطرق من انهيارات وتصدعات وعقبات ونقص في التجهيز والتخطيط والاجراءات يجعل السير عليها خطرا ومتعبا ومقلقا.
الطريق الواصل بين عمان وجرش يواجه خطر انهيار السفوح المطلة على الطريق في مرصع وقرب مجرى سيل الزرقاء واماكن اخرى من الشارع الذي اصبح كابوسا يهدد مستخدمي هذا الطريق الحيوي. قبل اسابيع انهار جزء من الاتربة والحجارة وهبط احد مسارب الشارع فجأة وقبل ان تستكمل ورشات التصليح اعمالها لأجزاء اخرى منه. كما في جرش تفاجأ مستخدمو طريق السلام بتصدعات وشقوق عميقة بالقرب من العدسية الامر الذي ادى الى اغلاقها وتحويل المرور عبر مسالك وطرق جانبية طويلة ووعرة لا تشجع الناس على استخدامها.
المشاكل التي تعاني منها جرش والعاصمة والاغوار موجودة في طرق الزارة والصحراوي والزرقاء والدائري في السلط الذي تصدع هو الآخر بشكل مرعب قبل ان تمر خمس سنوات على افتتاحه.
تدهور اوضاع الطرق في الاردن عائد الى اسباب اقتصادية وفنية وادارية واخلاقية عميقة بعض هذه المشكلات يرتبط بغياب رؤيا شمولية لشبكة طرق حديثة والشكوى الدائمة من قلة المخصصات اضافة الى ضعف وخلل في القدرات الفنية وتراجع الالتزام بتطبيق معايير الجودة لتنفيذ المشروعات وتداخل المال مع السياسة واستحواذ بعض المتنفذين على مشاريع تنفيذ الطرق والانشاءات. فمن غير المعقول ان تحتاج بعض الطرق التي تحت الانشاء الى صيانة قبل افتتاحها.
الطريقة التي تتعامل بها الاشغال العامة مع الطرق والحالة التي اصبحت عليها دفعت بالناس الى التذمر وعززت اعتقاد البعض بوجود ممارسات غير سليمة في هذا القطاع. منذ ايام نشر احد المواطنين من لواء القطرانة فيديو لطريق داخلي تحت التنفيذ. في ذلك الفيديو حاول المواطن اظهار الكثير من العيوب والاخطاء في عمليات ومراحل التنفيذ للطريق فمارس صاحبنا مهمة الرقابة ولفت الانظار.
صرخات الاستغاثة التي يطلقها المواطنون من وقت لآخر لا تجد استجابة سريعة ومناسبة من قبل السلطات التي قالت بان غالبية اموال المنح الخليجية ذهبت الى الطرق والبنى التحتية.
حتى اليوم لا أعرف فيما اذا استجابت وزارة الاشغال او اي جهة رقابية للصرخة التي اطلقها المواطن الذي تطوع لكشف عيوب غابت عنها اعين المراقبين. أجزم ان الفضول يتملك المئات ممن شاهدوا الفيديو لمعرفة الطريقة التي تعاملت فيها الدولة مع هذه الاستغاثة.
في العراق وبالرغم من تدهور الخدمات بعد الاحتلال الاميركي الا ان الطرق التي بنيت في عهد صدام حسين ما تزال في احسن صورة وبأعلى مستويات الكفاءة. السبب في متانة الطرق العراقية وكفاءتها عائد الى الصرامة التي تعاملت فيها الدولة العراقية مع المتعهدين والمقاولين والمراقبين. في تلك الايام لم يتردد صدام حسين في اعدام كل من يمارس الغش في التنفيذ وكان يتابع هذه المشروعات دون ان يسمح لأحد او لجماعة ان تتكسب او تتربح على حساب مصالح البلاد وسلامة ابنائها.
في الاردن كنت وما أزال اتمنى ان تكون الدولة اكثر صرامة وحزما في التعامل مع من يمارسون الغش وينسجون علاقات وشبكات تمكنهم من الالتفاف والتحايل وتنفيذ المشروعات الخدمية بمواصفات غير تلك التي يتطلع لها المواطن وتستحقها البلاد.