معظم المستجيبين لاستطلاعات الرأي إجاباتهم انطباعية خلقتها ظروف عامة وقلة منهم مروا بتجربة واقعية ولديهم روايتهم بخصوصها.
ينطبق هذا بدرجة كبيرة على استطلاع منظمة رشيد للنزاهة والشفافية، الفرع الوطني لمنظمة الشفافية الدولية، حول الفساد والتي نشرت بعض نتائجه ويبدو من الإجابات أننا في مواجهة مشكلة خطيرة اسمها الفساد، فهل هذا صحيح؟.
ثمة نتائج تستحق التوقف عندها في الاستطلاع فمثلاً، نفهم من بعضها أن الفساد كما تراه عينات المستطلعة أراؤهم عام, كأن يجيب المستجيبون عن سؤال حول مدى اعتقادهم بتورط الاشخاص أو المؤسسات في الفساد فيرون أن 45 %من اعضاء البرلمان (نواب وأعيان) متورطون بقضايا فساد و 36 %من المسؤولين الحكوميين، و28 %من اعضاء المجالس المحلية واللامركزية و25 %من موظفي وأعضاء رئاسة الوزراء، و17 %من رجال الدين في حين 38 %كانت نسبة المستجيبين مقدرة تورط رجال الأعمال في قضايا الفساد، و22% نسبة المتورطين في قضايا الفساد حسب رأي المستجيبين في المنظمات غير الحكومية، و21 %من المصرفيين متورطون في الفساد، سواء كان حقيقياً ام مفترضاً أصبح الاتهام سهلاً وقليل الكلفة، لكن الضحية هي صورة البلد التي توصم بالفساد.
سهولة إطلاق التهمة لم تنل من الفاسدين بل أصابت الأبرياء من الموظفين والمديرين والمسؤولين في القطاعين العام والخاص دون تفريق وإن تفاوتت النسب.
الأردنيون ليسوا الشعب الوحيد الذي يتوسع في تعميم تهمة الفساد حدث هذا في أكثر الدول شفافية وتشدد في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والصين ودول مهمة في أسيا.
تعميم الفساد في الأردن له أهداف سياسية أكثر مما يقع في باب الحرص على المال العام ودليل ذلك أن إتهام الأشخاص يسبق الحديث عن الجرم كما أن المبالغة في حجم الفساد تهدف لاعتباره سبباً رئيساً للهدر وللمديونية الهدف منه سياسي وليس اقتصادياً، والدليل أيضاً أن كثيراً من عناوين القضايا الكبيرة التي بحثت وأحيل بعضها الى المحاكم وبعضها أغلق لعدم ثبوتها يعاد فتحها بين فترة وأخرى ولأهداف سياسية أيضاً.
السبب في هذا كله هو الإحباط والوضع الاقتصادي السيىء الذي لا يجد المواطن له سبباً سوى الفساد.