الأحد، 09-02-2020
03:21 م
يكافح فريق جاريد كوشنر لحشد التأييد العالمي لخطة السلام الأميركية في الشرق الأوسط “صفقة القرن”. كوشنر استبق لقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع أعضاء مجلس الأمن الأسبوع المقبل، بدعوتهم على غداء امتد لساعتين خصص لشرح مزايا الصفقة. لكن في المحصلة لم يغير اللقاء قناعات الدول ومواقفها حيال الصفقة الأسوأ في تاريخ الصراع.
المؤسف أن الضغوط الأميركية نجحت في عزل مندوب تونس، العضو غير الدائم في مجلس الأمن، بعد أن تقدم بمقترح مشروع قرار ضد الخطة الأميركية تجاوز سقف الموقف التونسي على حد تعبير مسؤولين تونسيين.
على المستويين العربي والإسلامي، نال الفلسطينيون دعما علنيا لموقفهم الرافض للصفقة. ويوم أمس اجتمع البرلمانيون العرب في عمان لإظهار دعمهم لمواقف الأردن والسلطة الفلسطينية في مواجهة الصفقة الأميركية والإسرائيلية.
في أوساط النخبة الأميركية؛ السياسية والإعلامية، قوبلت الصفقة بتحفظات كبيرة عبرت عنها رسالة النواب الأميركيين الـ107 للرئيس الأميركي، التي اعتبرت الخطة انحيازا غير مسبوق لدولة الاحتلال، وتهديدا جديا لمصالح الدول الموقعة على معاهدات سلام مع إسرائيل كالأردن ومصر.
الصحافة الأميركية، وحتى الإسرائيلية تعج بتحليلات منددة بالصفقة، وتتنبأ بفشلها، خاصة بعد رفض الفلسطينيين التعاطي معها. والملاحظ هنا ما تكشفه التحليلات المعمقة من خطر للصفقة على مستقبل إسرائيل ويهوديتها.
ملخص الحديث هنا أن الإدارة الأميركية غمرت إسرائيل بمشاعر الحب والود إلى حد تصميم خطة كفيلة بقتل الحبيب الإسرائيلي. فعندما لا يكون هناك سلام حقيقي قائم على حل دولتين ذات سيادة، فإن مصير الدولة الفلسطينية المزعومة في الصفقة أن تتحول لكيان فاشل، ليس أمامه من خيار سوى الاندماج في الدول القوية وبذلك تكون إسرائيل أمام خيار لا بديل عنه وهو الدولة الواحدة.
ست مجموعات سكانية فلسطينية في بطن دولة إسرائيل ستكون بمثابة ورم يكبر في جوفها ليبتلع هويتها ويغير ديمغرافيتها، في ضوء نسب نمو سكاني مرتفعة على الجانب الفلسطيني مقارنة مع النمو السكاني الضعيف في أوساط اليهود.
فريق كوشنر نتنياهو سيعمد في المرحلة المقبلة، إلى استبدال الدعم الفلسطيني في الداخل بدعم عربي ودولي خارجي لتطبيق الصفقة. في الأساس تقوم صفقة القرن على مبدأ التطبيع الإقليمي والعربي مع إسرائيل لبناء منظومة اقتصادية كبرى تكون بديلا لحل الدولتين المنصوص عليه في القرارات الدولية ومبادرة السلام العربية.
الاختراق الذي حصل في العلاقات السودانية الإسرائيلية، والحديث عن قمة في القاهرة، واجتماعات البيت الأبيض السرية بين أطراف عربية وإسرائيل، تصب مجتمعة بخطة كوشنر لتأمين حزام عربي ودولي لصفقة القرن.
لكن، في الداخل الإسرائيلي قلق عميق من الخطوات المطلوبة وفق الصفقة. وأكثر مما يثير المخاوف التداعيات الناجمة عن خطوات ضم غور الأردن والمستوطنات والقدس الشرقية، خاصة مع تنامي التصعيد الشعبي في الضفة الغربية، واحتمالات انفجار انتفاضة فلسطينية ثالثة، وردود الفعل من جانب الأردن على هكذا قرارات.
أما العامل الثاني الذي يهدد فعليا بتقويض صفقة القرن، هو غياب الشريك الفلسطيني. لا أحد يفهم كيف افترض واضعو الصفقة وبهذه السذاجة إمكانية وجود شريك فلسطيني بشروط استسلام مذلة كالتي بنيت عليها الصفقة؟!
حجم المعارضة للخطة على كل المستويات، يجعل منها صفقة فاشلة.