في الطرائف والتشنيعات التي تُطلق على إخواننا صعايدة مصر، أن جماعة من المحتالين نصبوا مزادا وهميا في محطة رمسيس المركزية للقطارات التي تذهب إلى الصعيد، أسفر عن بيع القطار «الأطر»، إلى أحد أثرياء الصعيد، الذي دفع الثمن «كاش»، من حصيلة بيعه كمية كبيرة من القطن إلى إحدى وكالات شرائه.
تُساق تلك الحكاية الفانتازية التي لا تصدق، التي تنطوي على قدر هائل من الهبل والاستهبال، للتعبير عن ذروة اللامعقول والإدهاش والسخرية. في حين أن الفلاح الصعيدي المصري هو ابن الأرض والساقية والطورية والانتاج، المشهور بالصلابة والكرم والحرص والنباهة. عندنا، تحاول مجموعة استهبالنا بلا توقف، تنسج وتطلق إشاعات غاية في الضعف والغرابة والسخف، اعتمادا على وجود أسراب من الغربان الذين ينتظرون الإشاعات ليطيروا بها حيث يعممونها على مواقع التواصل الإجتماعي، فيتلقفها السّذج والهُبُل ومنتظرو أية إشاعة ضد البلد.
كارهو البلد حسب وصف دولة الرئيس بِشر هاني الخصاونة، هم أيضا كارهو أنفسهم وكارهو ابناءهم وآباءهم واهلهم. لو تسأل 10 أشخاص في الشارع أو على إحدى منصات التواصل الاجتماعي: هل باعوا المطار ؟ أجزم أن الإجابة النمطية ستكون، مِن نحو نصف العشرة اشخاص: طبعا زمان باعوا المطار، وباعوا جرش وأم الجمال ومحمية ضانا، كما باعوا البترا !! تقول الدكتورة ميرنا أبو زيد عميد معهد الإعلام الأردني في جلسة الدستور الحوارية حول آثار الإشاعات الاجتماعية والاقتصادية المنشورة أمس: «الإنسان مفطور على الممانعة والرفض، وإنّ كسر القواعد يُسعده». هذا ما يستند عليه غربان الإشاعات.
يتوكأ الكارهون السوداويون على استغلال النقص في تلبية حاجات الناس خلال الجوائح والظروف القاهرة، وكأنهم البديل القادر، الذي في وسعه سد النقص واجتراح الحلول وتوفير لبن العصافير !! قال الشاعر عمر بن المظفر- ابن الوردي في «اللامية» الرائعة: إنَّ نصفَ الناسِ أعداءٌ لمنْ، وَليَ الأحكامَ هذا إن عَدَلْ.