من المرجح أن تحيل الحكومة الاسبوع المقبل مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية الى مجلس الامة وذلك قبل اسبوع من افتتاح اعمال مجلس الامة التاسع عشر الذي يبدأ أعماله بخطاب العرش في الخامس عشر من الشهر الحالي، ومن المرجح ان تطلب الحكومة منح التعديلات الدستورية وقانوني الانتخاب والأحزاب “صفة الاستعجال”، بمعنى وضع تلك التعديلات موضع الاولوية.
الحكومة وقتذاك تكون قد أوفت بتعهدها بإحالة مخرجات اللجنة الى مجلس الامة كما جرى التوافق عليه من قبل اللجنة الملكية التي بدورها انهت عملها خلال الفترة التي منحت لها، وسلمت مخرجاتها لجلالة الملك، واللجنة الملكية وقتذاك فتحت حوارات مختلفة مع كل الاطراف للخروج برؤى اصلاحية توافقت عليها، وقدمت مخرجاتها للسير بإقرارها تشريعيا ووضعها موضع التنفيذ.
قد يخرج بين فينة واخرى من يعتقد ان تلك الرؤى التي جاءت بها اللجنة بحاجة لإضافات هنا او هناك، وهذا حق لصاحبه، ولكن وجب القول ان ما خرجت به اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية كان معبرا عن رؤية اوسع مدى يمكن التوافق عليه من قبل جميع الاطراف. المخرجات وازنت بين وجهات النظر، واظهرت عزما اصلاحيا يمثل نقلة نوعية يمكن البناء عليها في مقبل الايام، ووضعت حجر اساس لآفاق اوسع من مبادئ اشاعة سيادة القانون من خلال رؤيتها التي قدمتها ومخرجاتها التي باتت بحوزة مجلس الامة التاسع عشر. الواضح بعد ان اطلعنا على مخرجات لجنة تحديث المنظومة السياسية ان اللجنة وخلال فترة زمنية بسيطة استطاعت ان تخرج من كل المطبات التي اعترت طريقها خلال أشهرها الثلاثة، وحافظت على رؤيتها التي جاءت في كتاب تكليفها الملكي، واثبتت حرصا على تطوير مفرداتها السياسية، وقدمت رؤية لقوانين ناظمة لعملية الاصلاح تتواكب مع المئوية الثانية للدولة وتخدم المرحلة المقبلة سواء من حيث تعزيز فكرة بناء الدولة وسيادة القانون والمواطنة، او من خلال تعزيز مشاركة الشباب والمرأة وتمكينهما، فضلا عن تمكين الاحزاب من خلال اقرار كوتا لهم ضمن قانون الانتخاب.
لذا فإن الثابت الذي يمكن ملاحظته امامنا الآن ان الدورة العادية المقبلة التي تمتد دستوريا لمدة ستة أشهر غنية بمشاريع قوانين تؤسس لمرحلة جديدة من عمر الدولة الأردنية، مرحلة نفتح فيها باب الانطلاق لمئوية جديدة عمادها تعزيز سيادة القانون وتطوير القوانين بما يخدم الحريات العامة والفكر الاصلاحي، ولذا فإن النواب عليهم التعامل مع تلك المخرجات بعقلية رجال الدولة مبتعدين عن اي فكر ضيق او مناطقية. أما الحكومة فإنها تعرف أن عليها الدفاع عن مشاريع القوانين تلك دفاعا كاملا وان عليها تبنى مخرجات منظومة تحديث الحياة السياسية، باعتبار أن ما جاءت به اللجنة التي ضمت تنوعا للأطياف الموجودة في المجتمع الأردني من خلال عضويتها، وتنوعا للفئات العمرية، والمذاهب الفكرية، فالمخرجات التي تم طرحها وتداولها تحقق نقلة وقفزة نوعية باتجاه الافضل لبلدنا، وتوسيع قاعدة المشاركة، وتكرس وترسخ فكرة ومبدأ المواطنة الحقيقية التي وجب علينا التعامل معها في القرن الحادي والعشرين. مجلس النواب لن يعيقه مناقشة قوانين الاصلاح والتعديلات الدستورية ابان مناقشته لمشروع قانون الموازنة العامة للدولة، فالموازنة ستكون ملكا للجنة المالية، فيما يتعين على باقي لجان المجلس وخاصة اللجنة القانونية الذهاب لمناقشة التعديلات الدستورية بالتوازي مع مناقشات الموازنة، إذ لا يمكن ان يدخل النواب بمناقشة قانوني الانتخاب والاحزاب قبل اقرار التعديلات الدستورية حتى تبقى الامور تسير بشكل متوازٍ.
مجمل القول، فإن ورشة تشريعية مرتقبة ستبدأ بعد منتصف الشهر المقبل، وهذه الورشة التشريعية ستستمر لمدة 6 اشهر كاملة وقد نجد انفسنا مضطرين لدورة استثنائية لاستكمال بعض التشريعات الضرورية، قبل ان يتم وضع كل المخرجات موضع التطبيق والتنفيذ.