تمسك الملك بوعده؛ سنمضي للأمام مهما كانت الصعوبات. الانتخابات قبل نهاية العام مثلما يقضي الاستحقاق الدستوري، وفي الموعد المحدد.
أيام من الترقب والجدل والغموض، لكن الملك كان على الموعد.المملكة ماضية لورشة عمل سياسية وتنتظرها مهمات شاقة وصعبة. المهم في مثل هذه الظروف الاستثنائية أن لانتردد أو نعود للخلف. ذلك لم يكن مسار الدولة الأردنية في كل عهودها. في المنعطفات التاريخية الحادة فعلنا الشيء ذاته، نفضنا غبار الأزمة ومضينا إلى الأمام.
لكن هذه المرحلة غير كل المراحل والأزمات التي مرت ببلادنا. إنها أزمة معقدة ومركبة، تتداخل فيها التحديات الخارجية مع الداخلية، والسياسي مع الاقتصادي. خريطة السياسة الإقليمية والعربية حولنا تتبدل، والضغوط مرشحة للزيادة على كل المستويات. أزمة كورونا وماسبقها من معضلات اقتصادية واجتماعية تدفع بنا إلى الحافة. استنفدت الدول شعارات التغيير واستهلكت كل أشكال الحكومات؛ سياسية وتكنوقراط وغيرها من وصفات العلاج لأزمات مستعصية. فما المطلوب لنعبر أخطر السنوات؟ الأردنيون سئموا الشعارات، ومع أن الانتخابات على الأبواب وهى موسم للشعارات، إلا أننا وفي السنوات الأخيرة بتنا نشعر بالتخمة. شعارات وأفكار وخطط واستراتيجيات وكلام كثير وبراق عن التنمية والنهضة، وبالنتيجة لم نفلح في انجاز مشروع اقتصادي كبير يرد الروح للمواطنين ويعيد الثقة بقوة الدولة وقدرتها.
الوقت والجهد الذي قضينا في انتاج أوراق العمل وخطط النهوض يكفي لتشييد مدينة جديدة، لكن المؤسف حقا أن كل مشاريعنا كانت على الورق، بينما في الواقع، البطالة في ارتفاع، والغلاء في ازدياد والفقر يستفحل في البلاد. دعونا نجرب هذه المرة العمل بصمت، دون شعارات ولا ندوات او خطط عملاقة فيها كلام كبير يطرب الناس ولايطعمهم. دعونا نفكر ونعمل بطريقة مختلفة،ونفاجىء الأردنيين بالانجازات وبالمشاريع في الميدان. على الورق رسمنا خططا عظيمة لمشاريع سكك حديد ومياه وصناعات عملاقة، ماذا لو شرعنا في التنفيذ دون ضجيج. لانريد للناس أن يسمعوا غير صوت الجرفات وهي تعمل. ليس مهما أن نعقد مؤتمرا صحفيا لنعلن عن خططنا يكفي أن يشاهد الأردنيون الآليات وهى تعمل في الميادين، والمصانع وهي تنهض في المحافظات، والمزارع وهي تبسط خضرتها.
في السنوات الثلاثة الأخيرة أعطوني مشروعا وطنيا كبيرا نهض في البلاد؟ في المقابل كم من الخطط والاستراتيجيات التي تراكمت في مكاتبنا. كم من المؤتمرات الصحفية وورش العمل التي نظمت للحديث عن أحلامنا وأفكارنا للمستقبل؟ المرحلة المقبلة لاتحتمل”الدهلزة” على الناس، فقد استنفدت الحكومات في السنوات الأخيرة كل”أفلام” الميديا والعلاقات العامة. والتحدي ليس إقناع الناس بقوة المنطق بل بالانجازات الملموسة، فهى تتحدث عن نفسها ولاتحتاج لخطيب مفوه ليسوقها. والمرحلة المقبلة، تحتاج لصف جديد من رجال الدولة الأقوياء لا المستضعفين. رجال لايبحثون عن الشعبية وكسب الرأي العام، بل يتمتعون بالقدرة على تحمل المسؤولية حتى لو لم يكونوا من أصحاب الوجوه المبتسمة. هذا ليس اختبارا لمؤسسات الدولة فقط بل للشعب أيضا وهو يقبل على صناديق الاقتراع، فمن دون مجلس نواب قادر على إدراك التحديات وتحمل المسؤوليات لايمكن للسلطة التنفيذية أن تنجح في تحقيق الانجازات.