لقد كانت رسائل الملك في لقائه مع ممثلات من منظمات الحركة النسائية واضحة وقوية لا لبس فيها وباتجاهات متعددة..
الرسالة الأولى هي أن دور المرأة أساسي ومهم في إنجاح عملية التحديث السياسي الجاري العمل على إقرار تشريعاتها في المؤسسة التشريعية مبينا أن صوت المرأة مهم جداً في هذه العملية بالمستقبل وعند التنفيذ. الرسالة الثانية موجهة للمرأة ايضا وهي حثها للانخراط في العلمية السياسية من خلال المشاركة بفعالية بالأحزاب السياسية لأن العمل الحزبي سوف يكون عنوان العمل السياسي البرلماني في المستقبل وأن الانخراط في العمل الحزبي لن يؤثر فقط في نجاح عملية التحديث السياسي فقط لا بل سيكون المدخل الرئيس لتمكين المرأة سياسيا.
الرسالة الثالثة كانت موجهة لكافة الجهات الرسمية ذات العلاقة بالمرأة سواء كانت هذه المؤسسات في الاقتصاد أم بالسياسية أم بالإدارة وهو ضرورة إدماج المرأة والاهتمام بحقوقها وتذليل العقبات التي تقف في وجه مشاركتها الفاعلة في كافه هذه القطاعات. أما الرسالة الأخرى التي تضمنها اللقاء هو تشجيع وحث النساء على عدم الخوف من المشاركة الفاعلة عندما قال «لا تهبن المشاركة وتقدمن إلى الأمام». هذه ليست المرة الأولى التي يقوم الملك بدعم المرأة والحث على مشاركتها ولكن أهمية هذا اللقاء والرسائل التي تضمنته تأتي بعد الجدل الواسع حول التعديل الدستوري الخاص بالمرأه وايضا الهجوم الذي تعرضت له المرأة بطريقة غير مباشرة من قبل البعض من خلال الاعتراض على إضافة كلمة الأردنيات في تعريف الأردنيين والآثار التي يمكن أن تكون تركتها الجملة على همة وعزيمة القطاع النسائي في استمرار العمل على قضايا وحقوق المرأة .
المرأة والشباب كانا دوماً حاضرين في فكر الملك عبدالله الثاني حيث كان لها حضور ودور فاعل في اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية بالاضافة للاشارة بشكل مباشر لهما في الرسالة الموجهة لرئيس اللجنة. لقد انعكس ذلك إيجابيا في مخرجات اللجنة على كافة المستويات سواءً في التعديلات الدستورية أو في قانوني الأحزاب والانتخاب أو غيرها من المخرجات.
انتصار الملك للمرأة والشباب ليس جديداً حيث كان هناك تركيز على ضرورة مشاركتهما وإدماجهما في العملية التنموية والسياسية منذ تسلمه سلطاته الدستورية قبل أكثر من عشرين عاماً. التركيز على دور المرأة والشباب ليس مسألة شكلية وإنما تنم عن إدراك عميق وفكر متقدم لاخراجهما من دائره التهميش التي تعرضا لها تاريخيا الى مرحلة الفعل والتأثير في عملية النهضة الشاملة.
اذا كيف يمكن ان يكتب النجاح للمشروع النهضوي دون مشاركة فاعلة وواسعة للشباب والمرأة وهي الطريقة الوحيدة لكسر احتكار الهيمنة الذكورية والعمرية على مجريات الحياة العامة في البلاد. إن ردة الفعل السلبية والهجمة التي تعرضت لها النساء والشباب في الفترة الماضية ليست سوى مؤشر على هيمنة الفكر الاقصائي التقليدي اجتماعيا كان أم سياسياً.
الديمقراطية الفعلية هي التي يعمل ويشارك بها الجميع والتنمية الحقيقية هي التي يسهم بها الجميع ويقطف ثمارها الجميع أيضاً. إن الأمم تنهض عندما يشارك الجميع بطاقاته وإبداعاته اقتصاديا وفكريا وسياسيا. أردنياً، لا يمكن للمسيره أن تتقدم وفئات الشباب والمرأة تعاني من التهميش الاقتصادي والسياسي والاجتماعي.