ثلثا سكان المنطقة العربية شبابية الطابع وبرغم ذلك تعاني غالبية الشعوب من بطالة مزمنة ومتفاقمة وفقر واسع النطاق ودين طال دول العجز والفائض المالي ربما هو الاعلى منذ قرن، وانكشاف غذائي في معظم السلع الغذائية الأساسية، ويزيد الوضع تأزما ارتفاع نمو سكاني يتجاوز النمو الاقتصادي منذ سنوات، مما قاد الى تدني القدرة الشرائية للعامة لاسيما بعد الأزمة المالية العالمية وتداعياتها، وجائحة فيروس كورونا المستجد كوفيد 19 الذي وجه طعنة نجلاء في اقتصادات دون وضع تصور محدد للرد على تلك التحديات.. والسؤال الذي يطرح الى اين تتجه البوصلة سياسيا واقتصاديا في المنطقة ومستقبل شعوبها في ظل استهداف خارجي اقليمي ودولي مركب.
تراجع الأداء الاقتصادي بوتائر سريعة انطلق مع بدء المرحلة الاولى لمسيرة السلام عقب حرب رمضان / اكتوبر من العام 1973، فقد تحول الانتصار الجزئي الى شق في السد العربي امام المد الصهيوامريكي . والمرحلة الثانية والاكثر تأثيرا بعد انطلاق المرحلة الثانية من عملية السلام في مؤتمر مدريد في العام 1991.
اما المرحلة الثالثة التي ظهرت معطياتها للعلن مع فوز الرئيس الامريكي وانحيازه السافر لليمين الصهيوني، فقد تعمق عدوان الكيان الصهيوني على الجانب العربي بطرق مختلفة في مقدمتها اعلان القدس عاصمة له وبمباركة امريكية ونقل السفارة الامريكية للقدس، والشروع في ضم الاغوار.
اليوم تقف المنطقة العربية امام مفصل حقيقي في ظل تداعيات سياسية واقتصادية متأزمة وسط استقطاب واستقطاب مضاد، وأطماع اقليمية ودولية تشكل تركيا وايران وأمريكا وروسيا في مقدمتها وترقب حذر من ثاني اكبر دولة في العالم وربما الاقوى لاحقا هي الصين، فالرد الحقيقي على هذه التحديات والأطماع لايمكن ان يثمر بدون العودة الى الوراء قليلا والنظر الى قاسم مشترك عربي سياسيا واقتصاديا مهما كان مستواه فجميع القوى الاقليمية والدولية تنظر الى المنطقة وفق تقاسم الغنيمة بمعزل عن اي اعتبار.