الخميس، 11-11-2021
04:18 م
مشروع التحديث السياسي هو حرفيا مشروع الملك وكان دور اللجنة الاجتهاد في التوصيات والتشريعات التي تحقق الهدف الذي طلبه جلالة الملك بكل دقة ووضوح وهو تحزيب الحياة السياسية واخراجها من دائرة الفردية الذاتية والشللية. وأي كان رئيسها وأعضاؤها فليس أمامهم غير ما تم فعله وهو مناقشة كل الأفكار والمقترحات الممكنة والتوافق في النهاية على صيغة تجمع بين أمرين 1 - قابلية التطبيق 2 - تحقيق الهدف. وبالفعل فإن لجنتي الانتخاب والأحزاب تقلبت بين شتّى المقترحات وتم الدخول في تسويات والنتيجة لم تكن متطابقة مع أي مقترح ابتدائي من بين المقترحات الكثيرة جدا فمثلا بدأ قانون الأحزاب بين مقترح حد أدنى للعضوية 5000 آلاف عضو وآخر بقاء الحدّ الأدنى عند 150 عضوا فتم التوافق على حدّ ادنى 1500 ثمّ تحت ضغط المحتجين تم تنزيله الى الف. وفي قانون الانتخاب بين مقترح ان يكون الاردن دائرة واحدة للتنافس بين الأحزاب أو دوائر بعدد المقاعد على ان يكون الترشيح حزبيا وتم الاستقرار على نظام مختلط دون الاتفاق على النسب بين حصتي الدائرة الوطنية والدوائر المحلية وعدد الأعضاء وتم التنقل بين عدّة سيناريوهات وبعد عناء تم التوافق على توزيع النسب 30% للدائرة الوطنية والباقي للدوائر المحلية على ان تتوسع الانتخابات الحزبية الى الدوائر في الدورات الانتخابية اللاحقة، وهذا الى جانب كل التفاصيل الأخرى من العتبة الى الكوتات والجوانب الاجرائية الأكثر فعالية لضمان عملية انتخابية شفافة ونظيفة.
تحديث النظام الانتخابي والحزبي يفترض ان يفرش الطريق أمام الاصلاح السياسي بتحزيب الحياة النيابية والوصول الى الحكومات البرلمانية المنتخبة أو أن تصبح الأغلبية البرلمانية الحزبية هي المسؤولة عن تشكيل الحكومات التي تصبح انعكاسا لإرادة الناخبين ونخلص من مكائد الصالونات السياسية الدائم لإطاحة الحكومات فقط بسبب التنافس االشخصي على النيابة والوزارة دون اي ارتباط بنهج ورؤية وبرنامج.
إذن شرط نجاح الاصلاح هو نجاح مشروع التحديث. لكن لنعترف أن الطريق ليس مضمونا وليس بالضرورة ان تنجح النظرية في التطبيق. وكما يقول القانونيون فالتطبيق السيئ يفسد القانون الجيد. ولدينا تجربة العام 2013 مع القوائم الوطنية وتجربتي العام 2016 و 2020 مع القوائم المحلية.
على سبيل المثال يمكن ان تقاوم معظم الأحزاب فكرة الاندماج وتذهب لتحقيق شرط التوسع بأي وسيلة ويمكن لأي عدد من المستقلين ان يكابروا في الالتحاق بحزب موجود أو يساعدوا على توحيد احزاب قائمة ويعملوا على انشاء حزب إضافي خاص بهم ويمكن لبعض الطامحين للترشح ان يقوموا على انشاء حزب من قاعدتهم العشائرية والمناطقية الخاصة لانتزاع مقعد على الأقل فنذهب الى الانتخابات بعدد وافر من الأحزاب ذات القاعدة المتواضعة فيكون المجتمع والنخب قد حققوا فشلا ذريعا في تحقيق الأهداف المتوخاة من قانوني الانتخاب والأحزاب، ومن أول موجباتهما توافق أو تآلف أو تلاقي كل العاملين في الحقل السياسي والمهتمين بالشأن العام في كتل حزبية برامجية رئيسية تمثل التيارات الموجودة في المجتمع. ونعود الى النقطة صفر والأفق المسدود.
إزاء هذه المخاطر ومع إنهاء أعمال اللجنة ظهرت فكرة الخطّة التنفيذية للمخرجات وجاءت الاشارة الواضحة في كلمة جلالة الملك وهو يتسلم المخرجات بوجوب وجود برنامج تنفيذي لإنجاح المخرجات في التطبيق واشارة دولة رئيس اللجنة مؤخرا الى ادارة للإشراف على خطّة تنفيذية. والهدف ليس الوصاية على أحد بل العكس منع التدخلات الضارة ومساعدة الجميع وتذليل كل الصعاب والعقبات أمام نشوء أحزاب وازنة مؤهلة للمنافسة الانتخابية.