وكانت الصين تعاني من حرب اهلية دامية طويلة الامد، بين الحزب الشيوعي الصيني بقيادة ماو تسي تونغ وقوات الوطنيين (الكومنتانج) بقيادة الجنرال شيانج كاي تشيك.
سهّلت الحرب الأهلية الصينية الشرسة، مهمةَ اليابانيين الذين استغلوها لاحتلال الصين دون أن يواجهوا مقاومة مؤثرة.
كان من ابرز وقائع تلك الحرب، مذبحة شنغهاي التي ارتكبتها قوات كاي تشيك ضد الشيوعيين يوم 12 نيسان 1927 وراح ضحيتها عدة آلاف من الشيوعيين. استحوذت الحرب الأهلية الصينية على الجهود والطاقات والبرامج الصينية كلها، لصالح بقاء وديمومة واسترخاء الاحتلال الياباني.
لكن قيادة ماو تسي تونغ الفذة وبصيرته الثورية دفعته الى التسامي على جرحه فطلب فتح حوار مع اعدائه جماعة كاي تشيك، لتأجيل الصراع الايدولوجي الصيني-الصيني، لصالح نجاح الصراع الجذري مع المحتل الياباني. لم يستجب الجنرال كاي تشيك، الذي كان متفوقا الى درجة كبيرة، الى نداءات الوحدة الوطنية، مما أدى الى سخط في مختلف انحاء الصين وخاصة بين جنرالاته العظام وابرزهم تشانغ زوليانغ ويانغ هوتشنغ اللذين خطفا الجنرال كاي تشيك واعتقلاه واجبراه على الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع اعدائه الشيوعيين.
أسفرت المفاوضات بين «الاخوة الأعداء» ماو تسي تونغ وشيانج كاي تشيك، عن توقيع اتفاقية وحدة وطنية في كانون الأول عام 1936، أرجأت الصراع الثانوي لصالح الصراع الرئيسي مع الاحتلال. أسهمت اتفاقية الوحدة الوطنية الصينية في تحقيق النصر النهائي على الاحتلال الياباني. وبعد ذلك عاد كل طرف الى حمل السلاح لحسم الصراع الايدولوجي على نمط حكم الصين.
انتهت الحرب الأهلية الصينية التي استمرت متقطعة من عام 1927 الى عام 1949، بسقوط جميع الأراضي التي يسيطر عليها رئيس الحكومة الوطنية شيانج كاي تشيك، لصالح الحزب الشيوعي الصيني، فانحسر حكمه ونفوذه في ما يعرف اليوم بجمهورية تايوان. لا يجب ان يقف أيّ حائل: سلطة او ايدولوجيا او حائل ديني او مصالحي، امام الوحدة الوطنية الفلسطينية. لا بل ان كل تلك القيم والمؤثرات يجب ان تدفع من اجل الوحدة الوطنية، شرط المقاومة المؤثرة وكسر إرادة الاحتلال.