الإثنين، 15-08-2022
03:52 م
رغم إقرار قانوني الأحزاب والانتخاب، ما زالت بعض النخب – مع كامل المحبة والاحترام – تناقش في تفاصيل تم تجاوزها من الناحية الموضوعية بإرادة سياسية عليا، تم التعبير عنها منذ تشكيل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، وتم تشريعها عبر مجلس الأمة، وصولا إلى توشيح القانونين بالإرادة الملكية السامية، ونشرهما في الجريدة الرسمية.
ما هي فائدة الجدل حول واقع الأحزاب الأردنية، القائمة منها، أو حديثة التأسيس إذا كانت جميعها ستواجه استحقاقا لا مفر منه عندما يحين موعد الانتخابات النيابية القادمة، أو موعد أي انتخابات عامة من الآن فصاعدا، حيث للقوائم الحزبية نسبتها المقررة والمتصاعدة مقاعدها المخصصة طبقا للقانون الانتخاب الجديد؟
عندما يستحق موعد انتخابات المجلس النيابي العشرين سنجد أنفسنا أمام محددات قانون جديد يقسم المملكة إلى 18 دائرة انتخابية محلية لها 97 مقعدا، ودائرة عامة واحدة على مستوى المملكة مخصص لها 41 مقعدا للقوائم الحزبية فقط، وسيدلي الناخب بصوتين أحدهما للدائرة المحلية والآخر للدائرة العامة، ذلك هو القانون، وتلك هي التجربة التي سنخوضها من حيث الشكل والمضمون والنتائج.
وجود ستين أو ألف حزب لا يعني أي شيء، والتركيز على كثرة الأحزاب كدليل على فشلها أو تشتتها لا يغير من الأمر شيئا، لأن الأحزاب التي وفقت أوضاعها مع القانون الجديد، أو التي تأسست وفق شروطه يمكنها خوض الانتخابات على أساس برامجها التي تقدمها لجمهور الناخبين، متضمنة رؤيتها ورسالتها وتحديد برامجها للنهوض الشامل سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، بما يشبه حكومة الظل، وستساهم بالتالي في تهيئة بيئة سياسية تنمو وتكبر فيها من عام لآخر إلى أن تتمكن من زيادة عدد مقاعدها، لتكون الأغلبية التي تتشكل منها الحكومات.
بعض الآراء التي تظن أن العوامل الاجتماعية يمكن أن تكون نقيضا للحياة السياسية الحديثة التي نحن بصددها، ينسون أحيانا أنه لا يوجد مكان في العالم، وحتى في الديمقراطيات الغربية، وخاصة الأميركية إلا وتلعب فيها تلك العوامل دورا أساسيا ومباشرا على خلفيات دينية وعرقية وإثنية لأن المجتمع هو الذي يفرض طبيعته وتكوينه فرضا منطقيا وطبيعيا ومحمودا أيضا، لأن المرشحين هم من صلب ذلك المجتمع، ولا يعني انتماؤهم الحزبي الانسلاخ عن انتمائهم الاجتماعي، بل على العكس من ذلك فهم يناضلون من أجل التعبير عن طموحات الشعب بجميع مكوناته، وعن مطالبه المشروعة في حياة آمنة مستقرة ومتطورة نحو الأفضل والأكثر رقيا واستقرارا وازدهارا.
يتعرض المتحمسون لهذه الحياة السياسية والحزبية الجديدة إلى نوع من الغمز واللمز، والتشكيك أحيانا، لكنها مسؤولية تاريخية ووطنية، من شاء يحملها ويتحمل أعباءها، ومن شاء يعرض عنها، وينأى بنفسه عنها، لكن النقاش عن الماضي السياسي والحزبي قد انتهى، أما المستقبل فإنه لا يتحقق إلا ببدايات واعدة، وروح إيجابية، ونوايا طيبة، وإرادة صلبة، وعزيمة صادقة.