الخميس الماضي؛ تعززت فكرتي عن بشر الخصاونة، حين حضرت اجتماعه السريع مع وزير الزراعة، اجتماعا ضم نخبة من مسؤولي الوزارة وبيوت خبرتها، ومكمن الثقة التي عززت قناعتي، هو حديث رئيس الوزراء الخصاونة عن ملف الزراعة باقتدار وتمكّن، وكأنك تستمع إلى أحد مسؤولي الوزارة، أو المختصين المميزين في هذا المجال، وهذا موقف يؤكد ما كتبته سابقا عن الرجل (لا يتحدث الا بما يعرف ويفهم، ولا يبيع كلاما)..انا أيضا استبشر خيرا حين اشاهد ما يفعله وزير ووزارة الزراعة، وأسمع ما يقوله الخصاونة عن القطاع الزراعي الذي كان وما زال صمام أمان للدولة وللشعب في «الجائحة» وفي غيرها من الإختبارات العالمية، وذلك رغم كل الظروف المائية والمالية الصعبة، ورغم الصراعات الاقليمية والعالمية خارج الحدود.
جاء ذلك الحديث خلال افتتاحه لمقر الوزارة الجديد، القائم على شارع الأردن، مقابل مستشفى الملكة علياء، وقد سبق أن كتبت مقالة عن قصة امتلاك وزارة الزراعة لهذا البناء الحديث، وذلك بعد أن انفقت الحكومات عشرة او عشرات الملايين على مبنى كانت تستأجره لعقود خلت، حيث كانت تدفع 420 الف دينار كأجرة سنوية لذلك المبنى، فامتلاكها للمبنى في هذه الظروف المالية الصعبة هو بحد ذاته إنجاز، يسجل لوزير الزراعة المهندس خالد الحنيفات، وللجندي المعلوم د عبدالحليم البلاونة، مساعد أمين عام الوزارة للشؤون الادارية والمالية، حين أثبت عبقرية مالية وإدارية ووطنية، وحقق هدف امتلاك المبنى ثم الانتقال إليه قبل بداية العام الحالي، وتنظيم العمل والإجراءات في الوزارة، إلى درجة لافتة، يسرت المعاملات وذللت العقبات أمام المراجعين، وقدمت صورة جديدة لعمل حكومي في جانب خدمي وتنظيمي وسيادي، في نفس الوقت.
بمنطقية محببة للموضوعيين، استهل رئيس الوزراء حديثه بأن الإنجازات تقاس بالنتائج والمعاني وليس بالمباني، لكنه أكد أحقية الوزارة باعتبار الانتقال للمبنى الجديد انجازا، نظرا للظروف المالية الحالية، ولأن هذا الإجراء أوقف نزيفا ماليا عانت منه الحكومات على امتداد أكثر من 3 عقود، وأبدى إعجابه بالتخفيف على مراجعي الوزارة واختصار الاجراءات، واعتبره مثالا جليا للإصلاح الإداري والمالي.
قد يكون مثال انتقال الزراعة مثالا متواضعا عن الإصلاح والتغيير وترشيد الإنفاق، لكنه ملهم، وفيه قصة نجاح نتمنى لو نراها في قطاعات ووزارات ومؤسسات أخرى، وهذا ممكن بالطبع، لكن ما هو متعذر أن تجد مسؤولا صاحب قرار، يبادر ويسعى لتحقيق الأهداف الكبرى بشفافية ووضوح وتحت الضوء، وينجح في مسعاه، كالمهندس خالد الحنيفات، الذي أفصح خلال الاجتماع بأن الوزارة حددت مواعيد واضحة لتقييم خطتها الزراعية التي أعلنت عن انطلاقها بداية العام، وأن الحكم على نجاحها بناء على الإنجازات والنتائج، وهو ما يتمسك به الوزير وسائر مسؤولي الوزارة ومدراء أذرعها المالية والبحثية والتعاونية..
وقريبا سنقدم (جردة حساب) لمرحلة من مراحل (الاستراتيجية الوطنية للزراعة المستدامة 2022-2025)، والتي انطلقت قبل أكثر من شهر برعاية واهتمام وتوجيهات ملكية.