الإثنين، 07-02-2022
04:38 م
«ماء الغريب».... صدّقوا هذا اسم دواء كان رائجا حتى السبعينيات من القرن المنصرم وتعاطاه أطفال تلك العقود –ومنهم حضرتي طبعا-، حيث استخدمته الأمهات، حسب إرشادات الأطباء في ذلك الوقت، لعلاج الأطفال من المغص ووجع الأسنان، وكان يصلح لجميع الأعراض المرضية الأخرى، فما أن يشكو من أي شيء الطفل حتى يجبروه على «طرقعة» نص زجاجة على الأقل من ماء الغريب.
راحت أيام وجاءت أيام، وتقدم الطب وتقدما أساليب الفحوص، ليكتشفوا أن ماء الغريب هو مجرد ماء عادي مع نسبة محترمة من الكحول الإيثانولي، وتم منعه من التداول، بعد أن شطب أجيالا كاملة أدمنت على ماء الغريب، حيث صار الأطفال يدّعون المرض من أجل الحصول على «بق» من ماء الغريب.
كان الطفل يرتاح فورا بعد التعاطي، وينام أو يستمر في الضحك، بينما تفرح الأمهات وتعتقد أن الملائكة تدغدغ أطفالها، وفي الواقع والحقيقة كان الأطفال نصف سكارى (هل رأى الطب سكارى مثلنا؟).
راح ماء الغريب وتم منعه، لكن الغريب تسرّب وحده إلى خياشيمنا، مركّزا دون ماء وصرنا نتعاطاه مع التنفس والتجشؤ والتثاؤب والتناسل، حتى صرنا سكارى تماما ننام بعمق ونقهقه بهستيريا، وتمت السيطرة علينا من مراكز القوى العظمى، وكانوا يصنعون ردود أفعالنا قبل أن نقوم بها، ويتوقعون بشكل شبه كامل تصرفاتنا على أفعالهم أيا كانت متعارضة مع مبادئنا وقيمنا:
-فلسطين تضيع منا، ونحن نتلهى بالغناء والضحك والتشاتم والتنابز والتثاؤب والنوم، وكل واحد منا يتهم الآخر بالتفريط. وفي الحقيقة والواقع نحن جميعا مفرطون.
-مراكز القوى العالمية تعبث بالشعوب أيضا، فتارة تدعوها إلى النضال من أجل الديمقراطية والحرية داخل دولها، وطورا تتحالف ضد الشعوب، مع إبقاء هامش مزيف من الدعوة الديمقراطية، عن طريق رموز ومنظمات تابعة لها.
- لا حرية لا ديمقراطية، لا رز بشعيرية لا خبز لا طبز لا تشفيّة لا حامض حلو شربات، لا تحرير لا تحوير لا تقدير.... لالالا يالخيزرانة.
كل هذا بسبب إدماننا على الغريب، سواء كان بماء أو كان (سك).
لاحظوا أنني أكتب هذا وأنا شارب «بطحة» كاملة من ماء الغريب.
وتلولحي يا دالية.