الخميس، 19-09-2019
11:34 ص
في توقيت سياسي حساس أطلق الملك عبدالله الثاني تحذيرا غير مسبوق للإسرائيليين، مفاده أن العلاقات الأردنية الإسرائيلية ستتأثر وبشكل مباشر في حال أقدمت حكومة إسرائيل على ضم أراضي غور الأردن المحتلة. وزاد بأن العلاقات مع مصر أيضا سيطالها نفس التأثير.
تحذير الملك الذي جاء خلال مؤتمر صحفي مع المستشارة الألمانية ميركل في برلين أول من أمس، تزامن مع توجه الإسرائيليين إلى صنادق الاقتراع لانتخابات الكنيست الثانية في عام واحد.
بالطبع لم تعط النتائج الأولية للانتخابات ما يفيد بفرصة أقوى لنتنياهو لتشكيل حكومة مقارنة مع حصيلة الانتخابات السابقة. وربما يكون نتنياهو في طريقه لخروج مذل من الحياة السياسية ينتهي به في السجن بعد سلسلة فضائح مالية وتجاوزات.
العلاقات الأردنية الإسرائيلية في عهد نتنياهو الممتد لنحو عقد من الزمن،كانت عبارة عن سلسلة من الأزمات التي لاتنتهي، والمواجهات الدبلوماسية الحادة،سواء ماتعلق منها بمواقف حكومته اليمينية من عملية السلام وسلوكها العدواني تجاه الشعب الفلسطيني، أو الاعتداءات المتكررة على الحرم القدسي الشريف وتحدي الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية.
لكن السلوك العدواني لنتنياهو تجاوز في خطورته الاعتبارات كافة،وبات مصدر تهديد جدي لضرورات الأمن الوطني الأردني والمصالح العليا للدولة الأردنية. وأكثر ما يخشاه الأردن،أن يكون هذا السلوك مرتبطا بخطة السلام الأميركية،ويعكس مضمونها.
خلال المباحثات الأردنية الإسرائيلية وقبيل توقيع معاهدة وادي عربة، رفض الأردن قطعيا ترسيم الحدود الأردنية مع الأراضي الفلسطينية الواقعة تحت الاحتلال الإسرائيلي، باعتبارها شأنا أردنيا فلسطينيا، وخلاف ذلك يعني شرعنة الاحتلال وسيطرته على المناطق الحدودية بين الجانبين.
محاولة إسرائيل الأخيرة لضم مناطق غور الأردن وشمال البحر الميت، تعني أن لاحدود مستقبلية للأردن مع الدولة الفلسطينية،وتكريس ضم مناطق استراتيجية من الضفة الغربية لإسرائيل،وهذا يعني من الناحية العملية وأد الدولة الفلسطينية المستقلة،وفي هذا خرق لبنود اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية،وتحميل الأردن تبعات الاحتلال بكل أشكالها.
لقد سبق للعلاقات الأردنية مع إسرائيل أن واجهت محطات مفصلية، لكنها اليوم تبدو على الحافة تماما، إذا ما كتب لنهج نتنياهو أن يستمر في المستقبل.لن يكون ممكنا بالنسبة للأردن أن يتحمل أعباء العلاقة مع إسرائيل بينما حكوماتها تغامر بتهديد مصالحه الحيوية، وتعرض مستقبله للخطر.والتوقيت الذي أطلق فيه الملك تصريحاته يكتسب أهمية إضافية لتزامنه مع تصريحات لمسؤولين في إدارة الرئيس ترامب ترجح طرح خطة السلام”صفقة القرن” الموعودة بعد الانتخابات الإسرائيلية.
لكن بعد نتائج الانتخابات غير الحاسمة في إسرائيل، قد تجد الإدارة الأميركية نفسها مضطرة لتأجيل طرح خطتها،والتأجيل هذه المرة سيكون بمثابة ترحيل لأجل غير مسمى،في ضوء احتمالات معقدة لتشكيل حكومة جديدة في إسرائيل وغياب نتنياهو عن المسرح السياسي، واحتمال التوجه لجولة ثالثة من الانتخابات بداية العام المقبل، وهو العام الذي سيشهد انطلاق حملات الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة.
في كل الأحوال، الملك عبدالله الثاني وضع موقف الأردن على الطاولة، متجاوزا كل الاحتمالات،ويتعين على جميع الأطراف أخذه في الحسبان قبل الإقدام على خطوات متهورة.