الخميس، 19-08-2021
01:42 ص
نسمع هنا وهناك احتجاجات على تخصيص نسبة عالية من مقاعد مجلس النواب للمنافسة الحزبية ولنكن صرحاء في مناقشة الأمر لأن كلّ النقد ظلّ ينصب على الاحزاب السياسية بسبب عجزها عن استقطاب الناس وعلى الناس بسبب الثقافة والسلوك المنافي لقيم العمل الجماعي والمشاركة الحزبية والمواطنة الفاعلة وكل رأي اصلاحي متنور سمعته كان يؤكد على ان جوهر الاصلاح هو التحول الى برلمان حزبي يقدر على انتاج حكومات منتخبة وتحقيق التداول على السلطة التنفيذية بين اغلبية وأقلية، فكيف نذهب الآن الى النقيض ونحتج على تحويل التنافس في الانتخابات وبنسبة قوية من الطابع الشخصي الى الطابع السياسي والحزبي؟! ثم لنكن واضحين فالفعاليات والشخصيات المهتمة بالانتخابات لن تشارك في الانتخابات من خلال الاحزاب اذا لم تتوفر نسبة جيدة من المقاعد للمنافسة على اساس حزبي.
قد تصل المقاعد المخصصة للمنافسة الحزبية الى ما يقارب 47 % من مجلس النواب مع الأخذ بالاعتبار تحويل المقاعد المخصصة للكوتات للمنافسة الحزبية وهي في دوائرها. كلها طبعا مقترحات قيد التداول الداخلي يتوجب اقرارها من اللجنة العامّة (الملكية لتحديث المنظومة السياسية) ثم لا حقا من مجلس النواب الكريم، لكنها توضح مبدئيا التوجه الحاسم لترجيح الطابع الحزبي للأنتخابات والذي سيصبح كاملا في الدورات التالية.
تعزيز دور الأحزاب ليس بالطبع هو التطوير الوحيد في مشروع القانون ومن المرجح الذهاب لتطويرات جوهرية عديدة منها على سبيل المثال تغيير صيغة الكوتات من (حصّة مغلقة) الى تخصيص يضاف فوق حق المنافسة على جميع المقاعد. وكذلك الحال لدوائر البدو. ومن المرجح أن يتسع التخصيص للمرأة ليشمل على الأقل مقعد في كل دائرة. وهناك تجويد متوقع للقانون في كل جوانبه لكن توفيق وجهات النظر ليست بالمهمة السهلة فعلى سبيل هناك توافق على وجود العتبة وهي ضرورية لتقليل التفتت الحزبي لكن بأي نسبة؟! فوجود عتبة عالية (اكثر من 5% مثلا) لا تسمح لأكثر من ثلاثة او اربعة قوائم بالوصول للمجلس وتخفيضها يعني السماح لعدد أوسع من الأحزاب للوصول الى المجلس والمخاطرة بالعودة لحالة التفتت الحزبي. والمرجح التوافق على حل وسط. لكن خطر التفتت يشمل ايضا مقاعد الدوائر رغم نظام القوائم النسبية في الدوائر. ففي تجربة الدورتين الماضيتين كان ينجح من كل قائمة في كل دائرة مقعد واحد ونادرا مقعدين فما الحلّ مع بقاء الدوائر والقوائم المحلية؟! الحلّ الوحيد من وجهة نظري هو الزام كل قائمة في الدائرة ان تكون جزءا من تحالف مع قوائم نظيرة في جميع الدوائر ومع قائمة وطنية حزبية فيكون جميع الناجحين للمجلس هم من هذا التحالف او ذاك فيكون المجلس مشكلا من نواب نجحوا من تحالفات انتخابية. وهناك وجهة نظر ان يترك هذا الخيار حرا للقوائم، وهناك وجهات نظر أخرى حول تقسيم الدوائر مثل فكرة الأقاليم وتوزيع المقاعد والكوتات وطرق الاحتساب النسبية وأي يكن الشكل النهائي للقانون فالأكيد هو التحول الى المنافسة الحزبية بنسبة قوية تحقق تحولا ثقافيا سلوكيا لأول مرة في الحياة السياسية الاردنية.