ليست هذه هي المرة الأولى التي يطرح فيها تخفيض ضريبة المبيعات كحل لتحفيز الاستهلاك ومنه النمو الاقتصادي.
صحيح أن ضريبة المبيعات هي الأعلى في العالم، لكن الصحيح أيضا أن النسبة لا تقف عند 16% فمع هذا الكم الكبير من الإعفاءات واختلاف النسب لا يتجاوز معدلها 12% لكن مع ذلك لا بد من الاعتراف بأن تخفيضها سيخفف قليلا من الأعباء على المستهلك لكنه سيزيد أرباح مقدمي السلع والخدمات وقد ثبت بالتجربة أن التخفيضات الضريبية غالبا ما لا تنعكس على الأسعار.
لو فرضنا أن وزير المالية استجاب تحت الضغط لمثل هذا المقترح وخفض الضريبة العامة على المبيعات من 16% إلى 10%، ماذا عن الإعفاءات التي تتمتع بها بعض السلع والقطاعات وماذا عن التمايز في النسب الضريبية؟، يستطيع وزير المالية أن يفعل ذلك لكن شريطة إلغاء كل الإعفاءات وتوحيد النسب على السلع كافة بما فيها الاساسية عند 10%، لكن هل سيسلم من المطالبة بإسقاطه بذريعة المساس بقوت الفقراء والشرائح متدنية ومحدودة الدخل!.
يقال إن الخزينة ستعوض النقص في حصيلة الضريبة على السلع والخدمات العامة عن طريق إلغاء الإعفاءات والتخفيضات، وإخضاع السلع والخدمات المعفاة لضريبة مبيعات بنسبة 10%. لكن في هذه الحالة كيف يمكن تدبير تناقص الإيرادات ومعروف أن كل تخفيض بنسبة 1% من ضريبة المبيعات يكلف الخزينة حوالي 30 مليون دينار وهل من المقبول أن نأخذ من السلع التي تستحق التخفيض كالمواد الغذائية والأدوية وأجهزة الكمبيوتر وتجهيزات إنتاج الطاقة النظيفة وأدوات الطلبة، والسياحة لزيادة ربح سلع لا تستحق مثل الكماليات.
الغريب أن صندوق النقد لا يمانع هكذا تخفيض مع أنه يعلم ان إيرادات هذا البند هو اساس إيرادات الخزينة ويشكل 65% من الإيرادات الضريبية للخزينة مقابل ضعف التحصيل من بنود أخرى والصندوق يعرف أيضا أنه حتى بعد حصيلة ضريبة المبيعات، تبقى الموازنة العامة عاجزة بما يقارب مليار دينار.
ما من طريقة لتخفيض ضريبة المبيعات دون نقصان إيرادات الخزنية، والعملية تحتاج الى إصلاح اقتصادي أكثر شمولية يلحقه ضبط حقيقي للنفقات ووقف كل أشكال الدعم والتمييز غير المستحق وإصلاح إداري يخفف من فاتورة الرواتب.