لا يبدو واضحا حتى الآن موقف جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، من الانتخابات النيابية المقبلة، وإذا ما كانت الجماعة سوف تشارك بذات الزخم، أو بشكل أعلى أو أقل؟.
من حيث المبدأ، لم يعلن رسميا مصير الانتخابات، سيناريو التأجيل، أو عقدها في موعدها، وأحد الحسابات المرتبط بكل قصة الانتخابات، يرتبط بملف جماعة الإخوان المسلمين، وإذا ما كانت مشاركتهم ستكون بذات السقف، من حيث عدد المرشحين، أو أكثر، أو أقل، خصوصا، في ظل معلومات متسربة حول مواقف متباينة ؟.
نواب الإخوان المسلمين في مجلس النواب الحالي، ظهروا بذات خطهم المعتاد، لكنهم لم يميلوا كثيرا للصدام العنيف، بسبب آثار الربيع العربي في الأردن، وجملة الحوادث التي صبغت علاقتهم بعمان الرسمية خلال هذه المرحلة الصعبة، وهي آثار لم تزل تماما، وتجنب هؤلاء إلى حد ما التصعيد المفتوح مع عمان الرسمية، باستثناء محطات محدودة.
في وقت سابق كانت هناك آراء رسمية متباينة بشأن الإخوان المسلمين، قبيل الانتخابات الحالية، الأول يتحدث عن منعهم كليا من المشاركة، حتى لو تحت عنوان حزب جبهة العمل الإسلامي، والثاني كان يرى ضرورة تركهم يشاركون مع تحجيم الأدوات المالية التي تدعمهم في الانتخابات، والثالث كان يرى ضرورة حظر الجماعة والمؤسسات التابعة لها، ومعاقبة الجماعة ورموزها على موقفها خلال مظاهرات الربيع العربي في الأردن.
التيار الرسمي الرابع دفع باتجاه صفقة مع الإخوان، وهي صفقة ينكرها الإخوان، وتنكرها الحكومة، ويدعي الطرفان انه لم يتم عقدها، وهذا التيار الرابع تأثر بنصائح لجهات داخلية وخارجية، حول ضرورة الوصول إلى صفقة، واستيعاب الإخوان جزئيا، والعفو عما تراه عمان الرسمية شططا من جانب الإخوان المسلمين خلال فترة الربيع العربي، إلى الدرجة التي تم تصنيفها بمثابة جماعة ترغب بالسيطرة على الحكم، كليا، وليس جزئيا.
التفاصيل كثيرة هنا، لكن مناخ التهدئة المؤقتة بين الإخوان والدولة، تعرض إلى نكسة كبيرة، حين رفض الإخوان المسلمين، التدخل في أزمة إضراب المعلمين، إذ رفضوا تماما التدخل من أجل وقف الإضراب، أو تليين قيادات النقابة التي على صلة بالجماعة، في ظل وجود كتلة ليست صغيرة من المعلمين تتأثر بتوجهات الإخوان المسلمين، وربما ترك موقف الإخوان هنا، أثرا سلبيا حادا على علاقة الطرفين، خصوصا، مع اعتبار الرسميين ان الجماعة وفي توقيت حساس أبت أن تساعد عمان الرسمية.
في كل الأحوال، تبدو العلاقة غير المعلنة بين الطرفين متوترة للغاية دون إعلان، على خلفيات متعددة، وهذا أمر يعرفه البعض، بما يؤشر على أن تقييمات مشاركة الإخوان سوف تخضع إلى معايير مختلفة، هذه المرة، خصوصا، مع ما تعتبره عمان الرسمية افسادا للفرصة الثانية التي تم منحها للإخوان المسلمين، بعد الخروج من مناخات الربيع العربي، وعبر بوابة الانتخابات النيابية، التي أدت في المحصلة إلى وجود كتلة نيابية يتجاوز عدد افرادها الخمسة عشر نائبا، من المحسوبين على خط الإخوان بشكل أو آخر.
المناخ العام في البلد، مناخ صعب، توتر، خشونة، تراجع اقتصادي، شكوك حول مستقبل الأردن، وهي بيئة صالحة تماما لمنح عدد أكبر من مرشحي الإخوان الفرصة للوصول إلى مجلس النواب، بسبب تأثيرات خطاب المعارضة، لكن السؤال الأهم يرتبط بمدى رغبة الإخوان أولا في رفع سقف مشاركتهم أمام حساباتهم لمدى التدخل الرسمي ضدهم، ثم سقوف الدولة التي سيتم وضعها سرا أو علنا، لمشاركة الإخوان في الانتخابات، خصوصا، مع الميل العام لإضعاف بقية المؤسسات من نقابات وأحزاب وغير ذلك؟
الذي يقول لك ان ملف الانتخابات النيابية يخضع فقط لحسابات دعم الحكومة، أو ترحيلها، أو حتى حسابات جدوى الانتخابات، لا يقول الحقيقة، إذ أن احد الحسابات الأهم التي لا تتم المجاهرة بها ترتبط بمشاركة الإخوان المسلمين فيها، وموقفهم منها، وإلى أي حد ستكون هذه المشاركة، في ظل تمنيات رسمية في الغرف المغلقة ان يعلن الإخوان مقاطعتهم للانتخابات المقبلة، وهي في كل الأحوال، تمنيات قد لا تتحقق.