الجمعة 2024-11-15 14:30 م

حارة الفيلم

04:12 م
قضي الأمر أيها السادة، سيعالج الأطباء المرضى في حارتنا بتذكيرهم بنقائها دون حاجة لأي دواء، المحامي في حارتنا لن يكتب عقودا ولن يوثق التزامات، سيعطى الموكلون نصيحة واحدة: أن سيروا في الأرض فإن حارتنا مجموعة من الوادعين الأوفياء الموثوقين، الأمهات في مجتمعنا أيها السادة لن يقلقنَ بعد اليوم فلا ضرورة ليسهرن على تربية أولادهن ولا أن يعطوهم أي نصيحة أو موعظة، فقط سيذكرونهم بمجتمع الفراشات،: ماما اطمئنوا حاراتنا ما فيها لا مخدرات ولا سرقة ولا دعارة ولا كلمات نابية… كلنا مؤدبون، الجريمة ما عنا منها كلها في الغرب الساقط! أظن حتى ما في داعي لخدمات الشرطة والأمن العام، مجتمع ماشي مثل الساعة لشو البعزقة!


فيلم الحارة لمخرجه باسل غندور، لا ينطبق على واقعنا،… أصلا لشو أفلام ولشو سينما ولشو مسرح ولشو شعر ولشو رواية، إحنا الفن والذوق لعبتنا، هي فقط مجموعة من المدسوسين يريدون تشويه مجتمع الفراشات ويسعون بلؤم لينغصوا سعادتنا بالاستماع إلى خطب مجلس النواب عن طهر المجتمع! أصلا أقلك ما في داعي للحكومة ولا للبرلمان، يا رجل مجتمع «ديلوكس “، مجتمع المدينة الفاضلة، لا بل فشر مجتمع المدينة الفاضلة!

حقيقة الأمر يا سادة أن فيلم الحارة ليس عن حارة بعينها ولا عن ناس بأعينهم فإن أحداثه قد تحصل على أي منعطف، البيوت أسرار وخلف كل بيت حكاية، هل أذكركم بمن نحر أمه؟! هل أذكركم بالعصابة التي فقأت عين اليافع؟! أم هل أذكركم بعدد قضايا المخدرات التي تلاحقها الأجهزة الأمنية يوميا، الفيلم نقل واقع فئة مهمشة ولكنها ملتزمة كما نقل واقع فئة منحرفة في عصابات وأتاوات، وهذا تصوير لبعض ما يحصل في المجتمع وهذا التأشير هو أول خطوة لمحاربة الجريمة والرذيلة والمخدرات بأن تفضحها وتعريها لتُؤخذ منها العبرة للمشاهد، وتلفت انتباه مؤسسات البحث لدراسة الظاهرة لتنبه الآباء والأمهات والمعلمين وتحثهم على نشر الوعي والتحذير من الانزلاق في عالم الغواية.

من حق أي منا أن ينتقد أي فيلم ومن حقه أن يعجب به أو أن يرفضه جملة وتفصيلا، أما أن ينكر على فيلم أو رواية أو مسرح أنه ينقل واقعا ما، بدعوى الطهورية والنقاء! فهذه مساهمة في استمرار الشر والرذيلة بتغطيتها والتستر عليها، الفن ليس قصة تروى وحسب بل إنه بذاته طريق لرقي المجتمعات وتطورها، الفن ضرورة لكشف المجتمع وتغيره للأفضل بالتأشير على الظلم والشر والجريمة والرذيلة وتعريتها، كهذا كانت رواية الجريمة والعقاب لدوستويفسكي، وهكذا هو مسرح سعد الله ونوس وهكذا كانت قصائد عرار.. وهكذا كانت روايات هاشم غرايبة وإبراهيم نصر الله، هكذا كانت السينما العالمية والعربية!
gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة