السبت 2024-11-23 10:38 ص

حين تغرب شمس الأمل بالتغيير!

04:58 م
  جأر القطاع التجاري بالشكوى من مستوى الاقبال على الشراء وكان هذا العيد محبطا جدا للسوق الذي يعاني أصلا من ركود طويل، ويبدو أن المقتدرين ماديا فضلوا إنفاق مالهم على السفر وهو على كل حال أقل كلفة من البقاء في البلد. هذا اقوى تراجع يشهده عيد لحركة السوق وهذه اكبر نسبة سفر الى الخارج تشهدها عطلة خصوصا أن بعض البلدان باتت ارخص كثيرا بفضل انخفاض عملتها مثل تركيا ومصر وقد أمكن لشركات السياحة تقديم عروض مغرية جدا وهكذا خسرنا فرصة تحريك الدورة الاقتصادية من جانبين فمن غادر ينفق في الخارج ومن بقي لا يملك مالا ينفقه.


ليس لدينا احصاءات رسمية لكنه الانطباع العام وفق ما نسمع من الناس ومن السوق، وأعلم اننا شعب شكّاء ويجب الحذر من اعتماد الشكوى كحقيقة. لكن اليوم الى جانب الشكوى الشديدة لدينا وقائع تقول إن الوضع الاقتصادي لا يتحسن بل يسوء. نعم هناك تحسن واضح في بعض القطاعات كالسياحة لكن بالمقابل تعاني معظم القطاعات من التراجع وعندما تعترف الحكومة ان العوائد الضريبية تراجعت بأكثر من 200 مليون للفترة الماضية من هذا العام فهذا مؤشر على تراجع الاقتصاد ولا يفيد وضع المسؤولية على التهريب. فالسيارات مثلا لا يتم تهريبها إنما رفع الضريبة على الهايبرد والسيارات الكهربائية أنزل سوقها الى الصفر. والحكومة مرعوبة اليوم من السيجارة الالكترونية لأن هناك اقبالا شديدا عليها خفض وينذر بمزيد من الانخفاض لمبيعات السجائر والضرائب المفروضة عليها! هل يعقل ان تعتمد الحكومة بمبلغ مليار دينار ضرائب على استهلاك غير مجد بل ضار جدا ومكلف جدا للرعاية الصحية ولا يساهم في تطوير الاقتصاد وصحة المجتمع وانتاجيته؟!

في بداية عهده وجه الرزاز نداء مفعما بالأمل ووعد التغيير عندما خاطب احد الشباب قائلا “لا تهاجر يا قتيبة” وماذا لدينا اليوم؟ حسب استطلاع دولي فإن الاردن – مع السودان – يضم اكبر نسبة من الراغبين أو المستعدين للهجرة بين الدول العربية وتقترب من 50 % ويمكن بالمشاهدة اليومية ان ترى ارتفاع نسبة الشباب الراغبين بالهجرة وبالنسبة للكبار فالكثيرون يحاولون الحصول على هجرة الى الولايات المتحدة حيث يضمنون تأمينا صحيا ممتازا وراتبا تقاعديا والطريف أن متقاعدين مع زوجاتهم يرتبون امورهم للاقامة خارج البلد خصوصا تركيا لأنهم يستطيعون الانفاق من راتبهم التقاعدي على حياة اجود بكلفة اقل كما اشرت في مقال سابق.

والشيء الأخطر اليوم ان سبب الهجرة لم يعد البحث عن فرص العمل والتعليم للعاطلين عن العمل ومن لا تعدلهم مؤهلاتهم لدخول تخصصات مرغوبة في الجامعات الأردنية. الآن الميل للهجرة يشمل ميسورين ومقتدرين ماديا لأن الحياة في البلد باتت مزعجة والمستقبل لا يحمل املا بالتغيير والتحسن وكفاءات عالية المستوى لا تجد الفرص المشرقة في البلد ، ومقتدرون لا يرون فرصا لإنشاء اعمال واعدة وبيئة صديقة ومشجعة، ومتفوقون دراسيا يرون ان تفوقهم يضيع هنا ويذهب هدرا، أي ان فئة الميسورين والمتفوقين وليس المحتاجين تنزع بقوة للهجرة وهذا نزيف خطير للموارد البشرية والكفاءات يجب ان نتوقف بقلق امامه.
لا احب السوداوية ولا التبشير باليأس لكن يجب وضع حقيقة الموقف بأجلى صورة على الطاولة امام من يدفنون الرأس بالرمال ويزينون تنحية اي تفكير بمقاربات جديدة ويقترحون إبقاء القديم على قدمه، ومن ذلك مثلا اغلاق الباب امام اي حديث عن تعديل قانون الانتخاب وهو المفتاح الاهم لإنشاء حراك سياسي اجتماعي جديد يفتح أملا على التغيير!
gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة