ما مصير المقترحات المتوقع ان تعلنها لجنة “تحديث المنظومة السياسية” خلال الأسبوعين المقبلين؟ الإجابة “البروتوكولية” معروفة تماما، لكن السياق العملي لترجمة توافقات نحو “89” عضوا شاركوا في صياغتها ما يزال برسم الانتظار، بالطبع ثمة توجسات لدى بعض الأردنيين من تكرار تجارب اللجان السابقة، وثمة آمال ورهانات لدى آخرين بأن تكون “استجابة” الدولة لما تم إنجازه مختلفة، أما المؤكد فهو أننا جميعاً، الدولة والمجتمع، لن نتحمل عبء “الفشل” هذه المرة، ومن الواجب -بالتالي- أن نصارح من يحركون “عجلة” العراقيل ويجهزون “الفزاعات” للتخويف من التجربة الجديدة او اجهاضها بأن يتوقفوا، وألا يضعوا العصي في الدواليب.
لدي الآن مسألتان (ملفان إن شئت) أضعهما “كمؤشرين” للسير بعكس الاتجاه (الخيبة إن شئت)، وأتمنى أن نستدركهما على الفور: المسألة الأولى هي ان “المناخات” السياسية ما تزال غير جاهزة لاستقبال “مشروع” الإصلاح الجديد، خذ مثلاً، في الفترة الأخيرة بادر رئيس اللجنة، سمير الرفاعي، لتنظيم لقاءات مع معلمين وحراكيين، ورشح من اللقاءات ان هنالك انفراجاً سيحدث، لكنه للآن لم يحدث، وعلى الجهة الأخرى لم نسمع أن مسؤولاً من الحكومة أو البرلمان تحرك في هذا الاتجاه، لدرجة انني اعتقد ان هذين الملفين، ملف المعلمين وملف الناشطين الموقوفين، ما يزالان “مغلقين”، وأن محاولات الرفاعي لم يكتب لها النجاح حتى الآن.
المسألة الثانية، وهي مهمة أيضاً، تتعلق بما تضمنته الرسالة الملكية الموجهة لرئيس اللجنة حول “تقديم التوصيات لتطوير التشريعات الناظمة للإدارة المحلية”، والتوصيات -هنا- تفترض ان تكون الأساس لإعداد مشروع قانون الإدارة المحلية، لكن ما حدث كان عكس ذلك تماماً، مما قد يعزز ما اشرنا اليه من إحساس بالشك والخيبة…أما كيف؟ فأستأذن بإعادة التذكير بما جرى .
قبل نحو خمسة أشهر (آذار 2021) قررت الحكومة حل المجالس البلدية والمحلية، ثم شكلت لجاناً لإدارتها على امل ان تجري انتخابات في شهر آب او أيلول من هذا العام، (طبعاً لن تجري بسبب الوباء)، في موازاة ذلك كانت الحكومة قد سحبت قانون الإدارة المحلية الذي ارسلته الحكومة السابقة للبرلمان (الثامن عشر) لإجراء ما يلزم من تعديلات عليه، وقد حصل، ومشروع القانون الآن قيد النقاش من قبل “الإدارية النيابية” تمهيداً للموافقة عليه من غرفتي المجلس. السؤال: أين ستذهب “توصيات” لجنة “تحديث المنظومة” فيما يتعلق “بالإدارة المحلية”، علماً بأن هذه التوصيات يفترض أنها جاءت في سياق متكامل مع ما جرى لقانوني الانتخاب والأحزاب… ومع توصيات لجنة الشباب والمرأة… ثم لماذا ينشغل النواب بالنقاش في مشروع قانون أصبح قديماً… وقبل ذلك لماذا ادرج على أجندة المجلس -بالأصل- على الرغم من ان “تكليف” اللجنة بتقديم اقتراحات حوله -كما جاء في الرسالة الملكية- كان واضحاً.
أخشى ما أخشاه ان تكون الرسالة التي وصلتنا من هذين “المؤشرين” وربما غيرهما (ما يجري من نقاش حول تعديلات على قوانين وأنظمة الاعلام مثلا) هي اننا نسير في الاتجاه الخطأ او المعاكس وغير المطلوب، ليس لدي أي إضافة على ذلك، لكنني أتمنى ان يستدرك المسؤولون ما حصل لتصحيحه، لكي يطمئن الناس على ان قطار الإصلاح تحرك فعلاً، وعلى ان مسألة “تسليف” الثقة كان في محله، وان “لجنة التحديث” عملت في سياق منسجم مع مؤسسات الدولة، وان مصير المقترحات التي ستقدمها سيكون مأموناً ومضموناً ايضاً.
بقي لدي ملاحظة أخيرة، حين سألت رئيس لجنة “التحديث”، سمير الرفاعي، عن المسألتين: ترطيب المناخات السياسية وإنعاش المجتمع، ومشروع قانون الإدارة المحلية، استعرض ما حدث كما ذكرته سلفاً، أما لماذا، وماذا حدث؟ فقد ابتسم، وهز رأسه، وصمت..!