الله يعطيهم العافية.. الزملاء في مؤسسة الضمان الاجتماعي وفي وزارة التعليم العالي، فلا تمر ساعة واحدة على أكثر تقدير إلا ويأتينا خبر منهم، فالأخبار تنهمر كالمطر، والندرة في القراء، وليس كل من قرأ خبرا قد قرأه فعلا.
مستقبل الاردنيين كأشخاص وكمجتمع ودولة، نستدل عليه من خلال وضع وأداء هاتين المؤسستين، فالضمان هو المعني بالأمان في آخر حلقة من عمر الأردني العامل، حيث التقاعد وانتظار تلك اللحظة لمغادرة الدنيا، وقد كتبنا قبل أسابيع عن نقطتي تعادل في مستقبلنا مع هذه المؤسسة، الأولى عام 2039 (خوف الله من الزلل)، حيث تتعادل مدفوعات المؤمنين من الاقتطاعات الشهرية مع رواتب المتقاعدين الشهرية، لتتحول المؤسسة عندئذ لعوائد الاستثمار والاستثمارات بشكل عام، تنفق منها على برامجها وتعوض النقص في الرواتب التقاعدية، ثم تأتي نقطة تعادل أخرى، عام 2050، تنضب الاستثمارات لتتحول المؤسسة إلى «الأصول» وتقوم بتسييلها (يعني تحويلها لأرصدة مالية ببيعها او رهنها للبنوك).. وهذا يعني أن خريجي الثانوية العامة هذا العام، قد يبلغون سن التقاعد بعد حوالي 40 عاما (يعني عام 2062)، ولا «ضمانات» لديهم أو رواتب تقاعد، طبعا هذا اذا تمكنوا من العمل ودفع اقتطاعات للمؤسسة، لكن وقبل ان وجد هؤلاء وظائف، هم بحاجة لدراسة في الجامعات...
الاعلام المتدحرج بلا هدف، يتناول قضايا التعليم وهمومه ومشاكله، بحديث اضطراري، يحاول مجاراة اخباره المتدفقة من وزارة التعليم العالي ووزارة التربية والتعليم ومنصات التعليم التي أصبحت تسيطر بل تختطف المهمة كلها وقريبا ستختطف مؤسساتها معها، فنجد أحاديث وتصريحات ومعارضات وتأييدات بنكهة فكرة، ولا وجود فعليا لفكرة حتى لدى من يعترض على سياسات وقرارات التعليم العالي، فنحن نواجه كتلة مبهمة من التساؤلات والقضايا والازمات المحرجة، لن تلبث وتصبح كرة نتمنى أن تكون من جليد لتذوب يوما، لأنها تكبر وستتدحرج حتى تقفل الطريق الى المستقبل عبر العلم والتطوير والنهضة..
لم تنشر أية جهة إحصائيات عن مستوى وتوزيع المعدلات في الثانوية العامة لهذا العام، (على الأقل لم يصلني شيئ لا من الاعلام ولا من غيره)، لكن لدينا بعض الارقام التي تؤكد بأن لدينا مشكلة «عويصة»، فالرقم المتوقع قبولهم في جامعاتنا الحكومية حوالي 40 الف طالب وطالبة، من أصل 116 الف نجحوا هذا العام، ولن نناقش كم عدد الذين حصلوا على معدل 65 ٪ وأكثر، فلن يقلوا عن 80 الف طالب وطالبة، علما أن عدد الذين تقدموا لامتحان الثانوية العامة كان 206 آلاف، وهو ثلث عدد نظرائهم من أبناء مصر العربية ذات ال110 ملايين نسمة.. يعني هذا العام 2022 بلغ عدد طلبة التوجيهي في جمهورية مصر 600 الف وعندنا 200 الف.. فهل يدرك القارىء حجم مشكلتنا؟!.
باب المستقبل المطلوب عبر التعليم الجامعي الحكومي، يضيق أكثر وسيصبح كخرم إبرة بالنسبة لخريجي الثانوية العامة الباحثين عن مستقبل، وتتوه الأفكار والرؤى والتعليمات والقرارات للمرة الألف، حين نتابعها من خلال الأخبار الرسمية حول التعليم العالي والجامعات، فنسبة الطلبة المتنافسين ضمن برنامج القبول الموحد لا تبلغ 50 ٪ من مقاعد الجامعات، بل 40 ٪، فهناك 30 ٪ محجوزة للتعليم الموازي !! (يعني للذين معهم مصاري)!! ، وهناك 30 ٪ للكوتات الفئوية المختلفة كفئة ابناء العاملين بالقوات المسلحة، يضاف إليها حزمة كوتات ومكارم لابناء المعلمين وأخرى للمناطق والمدارس الأقل حظا، ولأوائل المحافظات، و(جسيم)..(ولن اتحدث عن كوتة وحصة وسعفة أبناء العاملين بالجامعات والمبدعين والمبدعات).. أي أن باقي الطلبة سيتنافسوا فقط على 24 الف مقعد جامعي، ولو كان ثمة احصائية عن المعدلات وأعداد الطلبة الذين حازوا عليها، لعرف كل طالب فرصته وتخصصه وجامعته، أعني من بين ال80 الفا المتوقع ان يقدموا طلبات التنافس، وذلك قبل أن تعلنها وزارة التعليم العالي.
هل نضيف على نهاية هذه المقالة ارقام وإحصائيات ديوان الخدمة المدنية..!!.
نحن في الواقع نريد مليون دقة على ديوان الخدمة المدنية، ومثلها على التعليم العالي، ثم يأتي دور مؤسسة الضمان الاجتماعي.
إن المستقبل لمشرقٌ بلا أدنى استراتيجية أو هم او اعلام وتوجيه.