لو التزم النائب عماد العدوان بالدستور وبالنظام الداخلي لمجلس النواب، وجهز مذكرة موقعة من 10 نواب، وطالب بطرح الثقة عن حكومة الدكتور بشر الخصاونة، لكان الأمر مختلفا، ولما استطاع أحد انتقاده فهو يعمل كنائب حقيقي، يعلمنا كيف تتفاعل الديمقراطية تحت القبة، وكيف تحتل سيادة القانون الأولوية الأولى في الممارسة الديمقراطية، لكنه لم يفعل، بل لجأ إلى أسلوب غير دستوري، ولا ينسجم مع تعليمات النظام الداخلي لمجلس النواب، ودوره الرقابي الذي يستند بالدرجة الأولى للدستور.
لو تعرض رئيس حكومة الأردن لموقف محرج في غير المكان، لقلنا كلاما ندافع خلاله عن رئيس الحكومة الأردنية، حتى لو اختلفنا معه في توجهات حكومته وفي أدائه، لكن الغضب يكون أكبر حين يتعرض رئيس الحكومة الأردنية صاحبة الولاية، والتي حازت على ثقة مجلس الشعب من خلال عملية ديمقراطية مارسها نواب الشعب وممثليه.. يتعرض لموقف محرج لا يحدث في مجالس نواب منتخبة وتتمتع بهيبة، تستمدها من الدستور والقانون، ولا تستمد هيبتها من الخروج عن الأعراف وعن الأدبيات السياسية وعن الإجراءات القانونية المعمول بها..
إن أول درس في السلوك الديمقراطي واحترام الرأي الآخر، يتعلمه الناس من تحت القبة، وبالتحديد من تفاعل الحكومة وأعضائها مع مجلس النواب ورئاسته وأعضائه، ومن المكان نفسه نتعلم احترام القانون، واحترام ثقافة الإختلاف، فكلها منبعها التفاعل بين الفريقين (الحكومي) و(النيابي).. لكن موقف النائب الذي جرى أمس تحت القبة، لا يمكن قبوله، لأنه يتنافى مع دور النائب الأردني في الرقابة والمساءلة، وفيه إساءة للديمقراطية، وذلك قبل أن يسيء للحكومة ولرئيسها المهذب.
شهدنا مواقف متشنجة تحت القبة أطرافها نواب ورؤساء حكومات، لكنها لم تبلغ هذا الحد من الإحراج والإمعان فيه!!. شو يعني ان يقوم نائب بمنع الحكومة او اعضائها بل رئيسها من الجلوس تحت القبة؟! إذن كيف ستكتمل او تنطلق العملية السياسية القانونية في التشريع والرقابة!.. هل تعتبر جلسة مجلس النواب دستورية حين يغيب الطرف الحكومي عنها؟.
لعل ما قام به النائب المحترم لا ينطوي على نية مسبقة لتعطيل انطلاق دورة استثنائية، ولكن المطلوب قراءة الواقع بموضوعية، حتى لا يصبح مجلس النواب عبئا ثقيلا على الحياة السياسية، لا تفضي إلا لنتيجة واحدة في نهاية المطاف.