تقدم لنا مطابع الدستور الحديثة هذا الشهر، روايةً أخرى للكاتب المهجري البارز الصديق سمير إسحق.
تنتمي هذه الرواية الكفاحية السياسية، وهي الثامنة للروائي إسحق، إلى سلالة الروايات الكلاسيكية التي ما تزال تحتل موقعها الأعلى في «جينيوم» الرواية التقليدية الملتزمة، البعيدة عن الفانتازيا والتغريب والتهويم والتحويم بلا أهداف كبرى محددة.
تتصل الرواية «الطريق إلى يافا» بمسقط رأس الكاتب القومي التقدمي سمير إسحق الذي استل شخصيات روايته الجديدة وغَرفها من نهر الحياة، ومن الواقع الصلد، ومن الآمال الكبرى التي تصطخب في روحه وتجعل «الطريق إلى يافا» المحتلة، ممكناً ودانياً، دون إغفال تلك العقبات الجِسام التي تنتصب ترساناتٍ هائلة في هذا الطريق، تسدّه تماما في نظر خائري العزم والأمل.
يدأب سمير إسحق (سمير نواف الدخيل) على الكتابة وتطوير أدواته منذ ما يزيد على خمسة عقود، وقد مكّنه إخلاصه هذا، من القدرة على توريط القارئ واستمالته، ليصبح شريكَ أحداث رواياته، بما فيها مِن فواجع ومواجع.
عديدةٌ هي الروايات التي حملت أسماء المدن: عائد إلى حيفا- غسان كنفاني، القاهرة الجديدة- نجيب محفوظ، وأنتِ يا مادبا- سالم النحاس، نجران تحت الصفر- يحيى يخلف، لا أحد ينام في الإسكندرية- إبراهيم عبدالمجيد، و قمر مفرقي لسمير إسحق.
وشخصيات سمير إسحق مثقلة دائما، بمشكلات مجتمعها العربي، الغارق في الجمود والتقاليد الخانقة، التي أربكتنا وأقعدتنا في زوايا القرن السابع عشر، مكبلين بالقدامة والقتامة.
هذه الرواية محاولة لدق جدران الخزان وإطلاق النداء والصراخ في وادٍ يراه سمير إسحق وادياً ذا زرع.
وهذه الرواية التعبوية النضالية، تفتح لنا بوابات على مشارف ونوافد وطرق، كنا نظن أن حامليها من جماعة التفكير السياسي العتيق، وأن كتّابها غبروا واندحروا.
وأسجل ان رواية «قمر مفرقي» لصاحبنا، جاءت اعتذاراً عن هجرته، لا بل هي اعتذار المهاجرين كافة إلى جذورهم، التي ستظل حية، تورق وتخضرّ في قلوبهم حمّالة المعاناة والآلام، النازفة حنيناً وأنيناً.