تقدم لنا مطابع الدستور الحديثة، اليوم، رواية «قمر مفرقي» للكاتب المهجري البارز الصديق سمير إسحق. تنتمي هذه الرواية، التي تقع في 312 صفحة من القطع المتوسط، إلى سلالة الرواية الكلاسيكية.
فنحن كلنا، شخصيات هذه الرواية، وهنا تكمن قدرة الكاتب، الذي يدأب على الكتابة وتطوير أدواته منذ ما يزيد على خمسة عقود، فهو يتقن توريط القارئ واستمالته، ليصبح شريك احداثها بما فيها مِن فواجع ومواجع. عديدة هي الروايات التي حملت اسماء المدن: عائد الى حيفا- غسان كنفاني، القاهرة الجديدة- نجيب محفوظ، وأنتِ يا مادبا- سالم النحاس، نجران تحت الصفر- يحيى يخلف، لا أحد ينام في الإسكندرية- إبراهيم عبدالمجيد. وإن كان اسم رواية «قمر مفرقي»، يوحي بأنها محدودة في المكان- المفرق، فإنها تتمدد على مساحة الوطن، تحمل هموم أجياله المتعاقبة المكافحة.
وشخصيات سمير إسحق مثقلة دائما بمشكلات مجتمعها العربي الغارق في الجمود والتقاليد الخانقة، التي اربكتنا واقعدتنا في زوايا القرن السابع عشر، مكبلين بالقدامة والقتامة. تحضر الميلودراما في هذه الرواية، فتحمل لنا الدهشة وتأخذنا الى عوالم غرائبية، من المدهش إذا نحن استغربنا وجودها ومآلاتها، في عالم عربي سمته الفانتازيا الشاملة. ولم يغطِّ حضور الغرب على ملامح الشرق التي نحتها سمير اسحق بمهارة الأديب الأريب، المغامر الذي حرفته الحرف.
إن رواية «قمر مفرقي» هي إحدى اعتذارات سمير إسحق عن هجرته، لا بل هي إحدى اعتذارات المهاجرين إلى جذورهم، التي ستظل حية، تورق وتخضرّ في قلوبهم. حمّالة المعاناة والآلام، النازفة حنينا وأنينا. قدم سمير إسحق للمكتبة العربية 7 روايات منها، عذاب على الشاطئ الغربي 1990، الجرح وطريق العودة 2010، غيوم بلا مطر 2018. و 5 مجموعات قصصية منها غريب على نهر هدسون 1988، أحزان المساء 2008، الانفصال 2020. وله 3 روايات مخطوطة.
كان سمير إسحق المولود في يافا عام 1944 عنصرا فعالا في مجموعة المفرق الثقافية التي ضمت فايز محمود ومحمود كساب، وشكلت مع مجموعة يحيى يخلف وادوارد حداد في إربد، حالة ثقافية سياسية متقدمة في منتصف الستينات.