لا أتخيّل مطلقاً أن يأتي من يقول لي: معك ساعة لتغادر بيتك لأننا سنفجّره..! ساعة؟! ماذا يمكن أن أنقذ في الساعة؟ ساعة سأقف فيها وأنا لا أعلم مشاعري تجاه كلّ شيء في بيتي..هل آخذ الثلاجة التي شقيتُ حتى صارت لي..أم أنقذ علاقة الملابس التي اختلفنا أين سندقّ مساميرها وبراغيها؟ هل يعرف الذين طلبوا الاخلاء خلال ساعة كم من التفاصيل تسكن تفاصيل البيت..؟! هل يعلمون كيف بنينا علاقتنا مع المجلى..مع الباب الذي يصكّ..مع أباريز الكهرباء..؟! هل يعلمون كم استهلكنا من الوقت ونحن نجمع بشكيراً على بشكير؛ ونحن نتهاوش على شراء ابريق شاي جديد؟ هل يعلمون شيئاً عن (فنّ المحافظة على تنكة الزيت)..؟!
كنتُ أتخيّل ذلك أن يحدث معي وأكثر وأنا أتابع (اسرائيل اللقيطة) في حربها الأخيرة على غزّة وهي تطلب من سكّان عمارات كاملة أن يغادروها خلال ساعة..؟ كيف يتدافعون على باب العمارة؟ ما الذي يستطيعون أن يحملوه معهم؟ كيف يقفون في لحظة ليقرروا ما هو الأجدى بأن يستنقذوه؟ كيف تختلط المشاعر حينها تجاه كل شيء؟!
يا الهي..حالة نفسية لا يمكن أن أتخيّلها..لكنه الصمود الذي لا بدّ وأن ينتصر يوماً انتصاره الأخير الذي لا نتائج بعده إلا عودة فلسطين كلّها إلى كلّ أهلها..!