السبت، 10-09-2022
03:52 م
في آخر وأحدث خطوة من سلسلة العقوبات الغربية المستمرة على روسيا، مجموعة الدول الصناعية السبع، التي تعد الاكثر استهلاكا للنفط بالإضافة للصين والهند، تقرر وضع سقوف سعرية على شراء النفط الروسي من قبل اعضائها.
هذه الخطوة تعني اقتصاديا ان النفط الروسي سيكون المعروض منه اكثر من المطلوب، الا اذا كان ضمن السقف السعري الذي سيتم تحديده، ما سيقلل اسعاره ويؤدي لنتيجة سياسية ومالية وهي تقليل عائدات النفط الروسي، التي ارتفعت كثيرا مؤخرا بسبب ارتفاع اسعار الطاقة عالميا. بالنتيجة، هذا سيؤدي لحرمان روسيا من تدفقات نقدية كانت مهمة للآن لموازنة ومواجهة حزم العقوبات الغربية المستمرة والممتدة.
قد يكون هذا القرار بوضع سقف سعري على النفط الروسي الاكثر تأثيرا بالمقارنة بحزم العقوبات السابقة، ذلك ان روسيا تغلبت للآن على العقوبات بفضل عوائد النفط التي ارتفعت جدا بسبب الارتفاع العالمي الكبير بإسعار النفط.
روسيا بدأت تئن، تتحدث عن ان هذه العقوبات تتجاوز كل الحدود المنطقية، وان هذه العقوبات تضر بالاقتصاد العالمي وليس فقط الروسي، وان العالم لا يستطيع ان يعزل روسيا اقتصاديا، وان ذلك سيكون مؤذيا للجميع.
هذه بعض المؤشرات أن روسيا بدأت تتلمس الاضرار على اقتصادها وانها لن تستطيع الصمود طويلا ضمن هذه المعطيات.
الغرب بالمقابل يظهر اتحادا صلبا في مواجة روسيا، وقد عمل ضمن مؤسساته المختلفة على شحن الرأي العام خلفه، وأي انتخابات او تغييرات حزبية على الارجح ستأتي بمن هم اشد واقوى في التعامل مع السلوك الروسي بغزو اوكرانيا الذي غير الخريطة الامنية الاوروبية والعالمية.
الغرب يعمل ضمن محورين استراتيجيين، الاول، اقتصادي يعاقب روسيا ويعزلها، والثاني، امني عسكري يستمر بمواجهتها بأسلحة نوعية في اوكرانيا.
بالتزامن مع ذلك، يسعى الغرب للتقليل من آثار ازمة روسيا اوكرانيا على الاقتصادات الغربية، والتي تزامنت ايضا مع انتهاء كورونا التي ضخ اثناءها المال لإنعاش الاقتصاد.
الغرب يرفع اسعار الفائدة للسيطرة على التضخم، وبذات الوقت بدأ تدريجيا بتأمين مصادر اخرى للطاقة، ما قلل اسعار النفط عالميا، ووضع امن الطاقة في اوروبا بوضع افضل وآمن، وهذا بالتالي سحب سلاح الطاقة من يد روسيا.
مزيد من الانين والالم متوقع في المرحلة القادمة من روسيا بسبب العقوبات وبسبب احتواء آثار الغزو الروسي لأوكرانيا اقتصاديا.
روسيا بلا شك تبحث عن مخرج سياسي يحفظ ماء الوجه، وكلما طال الوقت كانت فرصها بتحقق ذلك اضعف، وفي الوقت الذي تظهر علامات التراجع والانين، يظهر الغرب مزيد من التصميم على المضي قدما بنظام عقوبات صارم يعزل روسيا ويضعف اقتصادها، ويجعل تأثيره على الاقتصاد العالمي في الحدود الدنيا.
لقد تجاوزنا مرحلة من سيصبر ويتحمل تداعيات الازمة الاوكرانية اكثر من الآخر، فالواضح الآن ان روسيا هي التي ستخسر من جراء استمرار الازمة، بعد نجاح الغرب في احتواء تداعياتها اقتصاديا وحشد رأيه العام ضد روسيا في هذه الازمة، ولذلك فالأرجح اننا سنرى مزيدا من البراغماتية الروسية على الطراز التركي واستدارات ربما ستفاجئ الجميع، وسعي روسي لإنهاء الازمة.