الثلاثاء، 08-12-2020
02:38 م
الزوّادة هي أهم ما كان يحرص عليه الفلاحون المحبون للأرض والملتصقون بذرات ترابها. وهي عبارة عن قطعة قماش. او قد تكون «محرمة» يفردها صاحبها ويجمع فيها وجبته المكونة من : حبتي بندورة ، رأس بصل ـ يفضل الحجم الكبيرـ ، رغيفي خبز مفرود ، قرني فلفل ، حبة ملح. اضافة الى ابريق ماء فخّار.
كان الرجل او المرأة يحمل زوادته ويذهب الى ارضه كي يزرعها او يحرثها ويقضي النهار بطوله وعرضه وهو يكدح حتى ينال منه الجهد والتعب فيجلس كي يمسح عرقه ، ويختار ظل شجرة ، يتفيأ به. بعدها يفرد «زوادته» ـ التيك اوي ـ ، ويكون امامه خياران اما تناول المكونات كل على حدة ، او يعمل مشروع «سَلطة» وهي ما يطلقون عليها «سلطة حراثين». فيتم تقطيع البندورة والبصل واحيانا الخيار ويخلطها و الله يحب المحسنين.
امس فعلناها.
كنا مجموعة من الاصدقاء ـ لن اذكر اسماءهم حفاظا على «برستيجهم» ، وعملنا «عزومة» مكونة من فول وحمص وفلافل وكانت بالطبع «سلطة حراثين».
معروف ان الحراث يلتهم الطعام بنهم شديد ، ولا يسرح وهو يأكل ولا يفكر بل يثرثر ويأكل فقط. عيناه تكونان مركزتين في الطعام ولا شيء سواه. فالوقت ضيق والجوع سكين حاد يذبح المعدة ان لم تجد ما يملأها.
كنا بالطبع مجموعة جوعى. ومن يرانا يظن ان مئة سنة مرت دون ان نتناول الطعام.
أكلنا بنهم شديد..
كنا نكتفي بالنظرات والقليل من الكلمات.
كنا جوعى .. اكلنا كل ما وقعت عيوننا عليه. نظفنا الصحون. وكنا نقرقش قطع الخيار ونفرم البصل مثل قطط محرومة.
كنا نأكل مثل حراثين. كل واحد « يحرث « في مجاله.
كنا سعداء حقا،،.
حقّا !!!