تتابع زيارات وزراء الخارجية العرب إلى سورية فرادى وزيارة وزير الخارجية السوري إلى عواصم عربية عديدة واجتماع الرياض التشاوري لوزراء خارجية الخليج والأردن ومصر والعراق مؤخرا وما هو قادم من اجتماع آخر لذات المجموعة في عمان بعد أيام، كل هذا يفترض ان تكون له نتائج مهمة على اكثر من صعيد.
فإذا كان الهدف ان تعود علاقات سورية الثنائية مع الدول العربية فهذا قد تحقق جزء مهم منه بما في ذلك دول كانت متشددة ضد النظام السوري وحتى بشار الاسد شخصيا، لكن هذا الأمر على اهميته ليس كافيا لتفكيك الازمة السورية وآثارها الكارثية على سورية وعلى دول الإقليم ومنها الأردن.
والمنطق يقول إن اكثر الدول المتضررة من الازمة السورية هي الاكثر استفادة من تفكيك الازمة وهذا ينطبق على الأردن الذي يعتبر مع لبنان الاكثر تضررا في كل المجالات، لكن تفكيك الازمة له تفاصيل كثيرة لا تقتصر على عودة العلاقات الثنائية بين سورية ودول عربية عديدة.
ومؤكد أن تفكيك ازمة سورية يعني عودة سورية إلى اطارها العربي بما في ذلك الجامعة العربية ويعني ايضا عودتها إلى المجتمع الدولي وهذا امر مهم وخاصة في ظل الموقف المتشدد من دول وبرلمانات أوروبية وعقوبات وفق قانون قيصر اميركيا، وهذا القانون يجعل دولا عديدة تخشى من ضرر يصيب قطاعها الخاص في حال اختراق القانون عبر عقوبات اميركية.
وإذا كانت عودة سورية للجامعة العربية وحضور قمة الرياض القادمة مؤشر مهم على اعادة سورية سياسيا إلى العرب الا ان هذه الخطوة يفترض ان ترافقها عملية تنسيق مع أوروبا واميركا حتى لا تكون وكأنها استفزاز لهما وربما تحفيز على تشديد العقوبات والمقاطعة.
الأردن يعمل منذ سنوات على تفكيك الازمة السورية مع ادراكه لتعقيداتها العربية والدولية وعمل مع الدولة السورية والعالم على الذهاب إلى خطوات تفك عقد الازمة دوليا وعربيا.
ورغم ان المعارضة السورية قد تراجعت إلى حد الاختفاء في التأثير الا ان مفهوم الحل السياسي له تفاصيل كثيرة وملفات يفترض العمل على البدء بها بقيادة عربية مع العالم في قضايا انسانية وحقوقية وبناء خطة لبدء طريق آمن لعودة اللاجئين بمافي ذلك خطوات مهمة تقوم بها الدولة السورية من عفو او اجراءات تخص التجنيد وتوفير بنية تحتية للحياة للعائدين من صحة وتعليم..، وهذا كله يحتاج إلى تعاون مع العالم والامم المتحدة وتمويل.
الامر ليس سهلا لكن عودة علاقات سورية العربية على اهميتها ليست اكثر من خطوة، لكن المهم خطوات تتم برعاية عربية لتفكيك الازمة بشكل متدرج وهذا يحتاج إلى فتح الابواب مع المجتمع الدولي واستجابات من الدولة السورية. ربما تكون الخطوة العربية القادمة وهي الاهم والتي يتم التفكير بها تشكيل فريق من الدول العربية يدخل في عمل مع الحكومة السورية نحو الخطوات المهمة والضرورية التي تفتح الباب لسورية دوليا وتفتح الباب للبدء بتفكيك حقيقي للأزمة السورية.
زيارات العرب لسورية وحتى حضور سورية للقمة امر مهم لكنه قد يكون شكليا في مواجهة ازمة معقدة في كل الجوانب تحتاج إلى حل عقدها وليس فقط تقاربا سوريا عربيا.