السبت، 20-05-2023
04:18 م
ليس صحيحا أن القمم العربية منعدمة الأثر لا تملك أي قدرة على العمل السياسي أو الفعل الدبلوماسي. القمم العربية وجامعة الدول العربية ما تزال منبرا وميدانا رئيسيا للعمل والمناورة، واجتماع القادة العرب له أهميته في التعبير عن المواقف واتخاذ القرارات.
الأصح القول إن جامعة الدول العربية ذات حركة بطيئة ثقيلة لأنها تضم اثنتين وعشرين دولة، والحركة الجمعية دائما بطيئة، والأصح القول أيضا، إن نظامها الذي يعتمد مبدأ الإجماع أبطأ من حركتها بشكل أكبر.
ما يحدث عمليا في جامعة الدول العربية أن الدول المؤثرة المفتاحية هي التي تقود الدفة وتؤثر في توجهات وأعمال الجامعة، وهذه الدول، إن أرادت، فهي بالفعل قادرة على تقوية دور الجامعة العربية وإعطائه زخما.
بالمناسبة، الكلام نفسه يقال عن مجلس الأمن الدولي، أن حركته ثقيلة ومنعدمة الأثر، لدرجة أن الجمهوريين في أميركا في مناسبات عدة كانوا على وشك الانسحاب منه يرونه عديم الفائدة، ولكن واقع الحال يقول إنه ميدان فعل ومناورة سياسية ودبلوماسية أساسي تخرج عنه كثير من القرارات التي تؤثر على السياسة الدولية والإقليمية.
المثال على الفعالية السياسية والدبلوماسية النسبية لجامعة الدول العربية ما حدث مع سورية؛ حيث كانت الجامعة العربية الميدان السياسي والدبلوماسي للتعامل مع الملف السوري، منذ تعليق عضويتها إبان بدء الحرب الى أن عادت الآن. الدول العربية علقت عضوية سورية والآن تعيدها، وفي هذا مكسب سياسي ودبلوماسي كبير لسورية، وربما المؤشر الأوضح على نهاية الحرب وانتصار النظام.
العرب أعادوا سورية رغم المعارضة الدولية لأنهم يرون ذلك العمل البرغماتي الصحيح، فعودتها تقربها من محيطها العربي، وهذا سيوازن أو قد يكون على حساب التواجد الإيراني أو الخارجي من قبل أي دولة، وعودتها أيضا معناها إعادة الإعمار، وفي هذا خير اقتصادي على الجميع، وأخيرا، فعودة سورية ستزيد من إقداميتها على وقف التهريب وصناعة المخدرات، كل هذه إيجابيات قد تترتب على عودة سورية.
الجامعة العربية تذهب باتجاه مغاير للعقوبات السياسية والدبلوماسية الدولية تنفتح على سورية في وقت يعزلها عن العالم، وهذا بحد ذاته أمر مثير سياسيا. أما العقوبات الاقتصادية الدولية وقانون قيصر، فهي مستمرة والأرجح أن دولا كالأردن ولبنان وتركيا والعراق سوف تستمر بالالتزام بها، فبغير ذلك ستترتب عواقب اقتصادية هذه الدول في غنى عنها.
وحدها دول الخليج قد لا تقيم أثرا للعقوبات الاقتصادية الدولية لأنها ليست بوارد أن يضغط عليها اقتصاديا. الانفتاح على سورية وإعادتها للجامعة لن يعفيها من العقوبات الدولية، فتلك مستمرة وإن كانت ذات أثر مضطرب المعالم، ولكن الجديد الآن، أن الدول سوف تكون قادرة على الانفتاح أكثر على سورية مسنودة بقرارات للجامعة العربية.
هذا كله بطبيعة الحال سيعتمد بشكل أساسي على مراجعة سورية لسلوكياتها الأمنية والسياسية وتغييرها، فبغير ذلك سوف تفقد الزخم العربي الذي دعم عودتها للجامعة العربية.