الجمعة 2024-11-22 23:10 م

صفعة لخطط إصلاح التعليم

11:36 ص

وضعتنا نتائج امتحان التوجيهي هذا العام أمام مأزق كبير، لم نجد سبيلا للخروج منه أو مداراته. فأمام هذا الكم الكبير وغير المسبوق من الناجحين والعباقرة من فئة 95 فما فوق، كان لابد من زيادة أعداد المقبولين بالجامعات الرسمية بنسب عالية.


مجلس التعليم العالي اجتمع أول من أمس ووافق على قبول أكثر من 58 ألف طالب وطالبة على البرنامج العادي لدرجة البكالوريوس في الجامعات الرسمية. ومن تبقى من الناجحين بمعدلات متدنية ولم يحالفهم الحظ بمقعد في قوائم القبول الموحد، سيتوجهون للدراسة على البرنامج الموازي وفي الجامعات الخاصة.

بهذه المعادلة الفذة سيدخل الأردن كتاب”غينيس” للأرقام القياسية كاول بلد في العالم يلتحق جميع خريجيه في الثانوية العامة بالجامعات!

أي أداء منتظر من الجامعات وقاعات محاضراتها تغرق بمئات الطلبة، ونقص في الهيئات التدريسية في وقت تعاني فيه الجامعات من أزمة مالية لا تستطيع معها تعيين استاذ جديد؟

والأدهى من ذلك أن التوسع الفادح في المقبولين على المسار الأكاديمي يشكل صفعة قاسية لبرنامج التحول للمسار المهني، الذي يعول عليه لتغيير معادلة سوق العمل، وتأهيل خريجين للعمل في تخصصات يطلبها السوق، واستعادة وظائف يشغلها أجانب لتعذر العمالة الوطنية.

واضح أن القائمين على قطاع التعليم العالي قرروا وضع استراتيجية تنمية الموارد البشرية في الأدراج ومواصلة العمل بالأسلوب القديم الذي أوقعنا في أزمة مستفحلة عنوانها بطالة بأرقام قياسية وعجز عن مواكبة متطلبات سوق العمل، وتوسع في المسار المهني والبرنامج الموازي لتحصيل الأموال فقط والإنفاق على جيش من الموظفين لا لزوم لهم.

نريد في قطاع التربية والتعليم أن نربط الأجور بالأداء وهذا خيار صحيح، والهدف منه الارتقاء بمستوى العملية التعليمية بالمدارس. لكن ماذا عن الجامعات، هل يمكن الاستمرار بنفس المسار الذي أودى بنا إلى التهلكة؟

مخرجات التعليم العالي ينبغي أن تخضع لحاجات السوق. هذه هي الفلسفة التي قام عليها مشروع إصلاح التعليم في الأردن، وتطلبت عملا على مستويين تطوير التعليم في المدارس؛ مناهج وأساليب تدريس وقدرات معلمين، وتعليم جامعي يقارب تخصصاته بحسب مقتضيات الاقتصاد وسوق العمل، ولهذا شرعت الحكومات من خلال ديوان الخدمة المدنية إلى تحذير الخريجين من الالتحاق بالتخصصات المشبعة والراكدة. ومن جهتها قررت الجامعات إجراء تخفيض متدرج على أعداد المقبولين في بعض التخصصات التي لايطلبها سوق العمل، ولا تضيف سوى مزيد من المتعطلين.

لكن مع هذا التوسع الهائل في أعداد المقبولين، كيف للجامعات أن تقاوم إغراء القبولات ومردودها المالي، وأين ستذهب بالأفواج الهادرة من الطلاب الذين تدفقوا عبر قنوات القبول الموحد؟!

اعتقد جازما أن ما يحصل في موضوع القبول الموحد هذا العام لم يكن مخططا له، لكن ورطة نتائج التوجيهي دفعت بالمعنيين لمغامرة غير محسوبة للتستر على الفضيحة ولملمتها حتى لوكان ذلك على حساب الجامعات واستراتيجية إصلاح التعليم.
gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة