الخميس، 13-02-2020
04:04 م
قدم الرئيس الفلسطيني في مجلس الامن خطابا سياسيا محترما بلغة حضارية يحترمها العالم: الفلسطينيون دعاة سلام يمدون أيديهم نحوه، لا مشكلة للفلسطينيين مع اليهود ويعتبر غير مؤمن المسلم الذي يفعل ذلك، لم يفوت الفلسطينيون الفرص بل اغتنموها في مدريد وأوسلو وما بعدها، الفلسطينيون ينشدون العدالة والصفقة الاميركية تهيئ لنظام فصل عنصري، السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين ممكن وواجب وسيكون مثالا عالميا للتعايش والعدالة، القدس الغربية لهم والشرقية لنا كما تنص الشرعية الدولية، نرفض العنف والارهاب ونحاربه بكل قوة، الشعب الفلسطيني لن يرضخ وتاريخه حافل بمواقف الصمود، نقبل المفاوضات وننشدها ولكن ليس بوسيط اميركي أثبت انحيازه. لم يسجل على الرئيس الفلسطيني قولا واحدا كان يمكن ان يستغله المحرضون دعاة الصدام.
الموقف الاميركي طلب من الفلسطينيين الجلوس فورا على طاولة المفاوضات وهذا متوقع، ولكن الجلوس على قاعدة ماذا؟ على قاعدة الصفقة المعلنة؟ ام على قاعدة الشرعية الدولية ومرجعياتها؟ لم يكن الفلسطينيون ورئيسهم إلا دعاة تفاوض، لكن هل يتوقع منهم التفاوض وقد أخذت منهم القدس ونقلت السفارة إليها وتوقف تمويل اللاجئين الفلسطينيين والاونروا؟ في هذه المنعطفات السياسية الحادة يأتي دور الوسطاء المحايدين المقبولين من كلا الطرفين ليساعدوا الطرفين على الوصول لإجابات لهذه الاسئلة، وليحددوا الطريق للمضي قدما في طريق حل النزاع. أما التفاوض عبر الإعلام وبطريقة الإملاء والخضوع فهذا ما لا يمكن أن يؤدي لأي نتيجة.
هل الرئيس الفلسطيني عنيد ومكابر ولا يمكن عمل سلام بوجوده كما قال مندوب إسرائيل في كلمته أمام مجلس الامن؟ هل يكرر الرئيس الفلسطيني خطأ عرفات في العام 2000 عندما رفض عرضا تاريخيا من إيهود باراك؟ الجواب لا. حتى أكثر الفلسطينيين لينا وسعيا للسلام يفضلون الموت على القبول بما هو معروض خاصة في موضوع القدس التي أعطيت بالكامل لإسرائيل. عباس يعلم أن الوقت في صالحه على عكس ما يعتقد اليمين الاسرائيلي والاميركي؛ عباس يعي أن اليمين لا بد وأن يستبدل بيسار او وسط محب وراغب بالسلام على غرار كلينتون باراك، او ان اليمين سينتصر بتغيير الوقائع على الارض وإنهاء حلم الدولة الفلسطينية وهو ما سيؤدي حكما ومنطقا لخلق دولة أبرتايت إسرائيلية. الصمود الزمني سيؤدي أيضا لاستمالة المزيد من القوى والدول لصالح العدالة التي هي سلاح الفلسطينيين الاقوى والفتاك فهم يملكون قوة الحق وقوة المنطق التي تكافح في وجه ظلم قوة السيف والمدفع الاسرائيلي.
الرئيس الفلسطيني يدرك هذه التوازنات، يعي تماما أن لا شيء لديه ليخسره وفي أسوأ الاحوال واذا ما استمر التضييق المالي على الفلسطينيين سيعودون لما قبل أوسلو شعبا بلا سلطة يعيشيون حياة قاسية صعبة ولكنها طريقهم للكرامة الوطنية. عقلاء إسرائيل وأميركا يدركون ذلك أيضا.